5:23 م

الشعور بالنقص


كلنا ذوو خطأ، وليس في البشر من هو مكتمل المزايا والصفات، خلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وبرغم التسليم بوقوعنا في الخطأ والتقصير، إلا أن من الخطأ الكبير أن نقوم بمقارنة أنفسنا مع أشخاص آخرين في جانب من الجوانب، ونعتبر تفوقهم في ذلك الجانب دلالة على تفوقهم الكلي علينا، وأننا بذلك نكون أدنى منهم منزلة ومكانة.



إن هذا الاعتقاد – الموجود لدى الكثيرين – اعتقاد خاطئ تماماً، ذلك أن المرء عندما يراد تقييمه على الحقيقة، فهو مشتمل على الكثير الكثير من الصفات المتفاوتة ظهوراً واختفاء، والمتفاوتة منزلة وقدراً، والمتفاوت في كونها قاصرة على الذات أو متعدية النفع والضرر للآخرين ..
فالرجل الذي يتفوق عليك في الجانب العلمي مثلاً، لايلزم أن يكون أفضل منك بإطلاق !، فربما تفوقت عليه أنت في جانب الخلق أو الكرم أو التسامح أو الفهم أو التواضع أو البر بالوالدين أو الإنفاق في سبيل الله، أو في أداء الفرائض، أو في الخشوع، أو في صلة الأرحام .. واعدد من هذه الصفات مالايحصى ..
إذاً فالجانب العلمي -في مثالنا- ليس المقياس الأوحد للتقييم والمفاضلة بين الأشخاص، ولذا فمن غير المنطقي اعتبار شخص ما أفضل منك بإطلاق لتميزه عنك في صفة أو صفتين ..
فالصحيح هنا أن تقول : فلان أفضل مني في الجانب الفلاني وأن لاتطلق الأفضلية بعمومها لمجرد المفاضلة في أحد جوانب الشخصية.
بل حتى في الجانب العلمي – محل مثالنا- فقد يتفوق عليك الآخر في استحضار النصوص والأقوال ولكنك تتميز عنه في إدراك أبعاد هذه النصوص وسبر أغوارها، وقد تتميز عنه في قدرتك على إقناع المخالفين لك بقوة حجتك، وقد تتميز عنه باستحضار الأسماء والأماكن والكتب، وقد تتميز عنه بالحفظ للمسائل التي يتم بحثها، وقد تتميز عنه بإجادتك التعليم لغيرك ونشر ماتعلمته.. واعدد في تفاصيل الجانب العلمي .. فإنك ستجدها كثيرة..
ونخلص مما سبق ذكره إلى أن المرء كل متكامل يشتمل على جوانب في التميز والتفوق متعددة المحاور والمجالات، وأنه مهما وجد المرء أقواماً آخرين يعتقد أنهم متميزون عنه فإن عليه أن يعتقد يقيناً أنهم ليسوا أفضل منه بإطلاق، وأن التفاضل نسبي غير شمولي .
وهذا الاعتقاد الصحيح يؤدي بالمرء إلى الثقة بالنفس وإعطاء الذات شعوراً داخلياً بالتميز والرضى، وهو الأمر الذي نحتاجه لكي ننطلق إلى آفاق أرحب من النجاح والترقي .
آملاً أن أكون قد ألقيت صخرة في ماء راكد، وأن تثير هذه الإشراقة في نفوسكم حوافز للإبداع والعمل .

0 التعليقات:

إرسال تعليق