12:12 ص

يا أيها القائمون على التعليم في بلادنا .. لماذا المخادعة ؟


يقول الخبر المعلن :
 (( قام معالي نائب وزير التربية والتعليم الدكتور /خالد السبتي بزيارة تفقدية لمدرسة الإمام السوسي لتحفيظ القرآن الكريم وكان في معية معاليه سعادة مدير التربية والتعليم بمنطقة الرياض الدكتور / عبدالعزيز الدبيان وكان في مقدمة مستقبليه مدير مكتب التربية والتعليم بشمال الرياض الدكتور الدكتور عبدالعزيز الفالح ومدير المدرسة الأستاذ بندر السند ووكلاء المدرسة ورؤساء الأقسام وفريق النشاط وجمع من المعلمين.

 وفي بداية الزيارة اجتمع معاليه مع إدارة المدرسة ثم بعد ذلك قام بجولة تفقدية على تجهيزات المدرسة بدأ بعمل العلوم ثم قاعة العروض العلمية ثم واحة القرآن الكريم ثم قاعة مصادر التعليم وغرفة الاسعافات الأولية ثم ألقيت قصيدة ترحبيه بمعاليه . وفي ختام الزيارة أبدى معاليه إعجابه بما شاهده من إنجازات وتجهيزات داخل المدرسة )).

التعليق :
طبعاً سيبدي معالي نائب وزير التربية والتعليم إعجابه الكبير بالمدرسة، وسيظن أن مدارس الرياض على هذه الشاكلة!
لي قريب يعمل مدرساً في مدرسة الإمام السوسي الثانوية، حدثني عن وضع مدرسته متعجباً من محاولات الخداع التي يقوم بها بعض القائمين على شؤون التعليم في المدرسة وخارجها.
 فالمدرسة – كما يقول صاحبي – قد قامت بالترشح لجائزة الشيخ محمد بن راشد في دولة الإمارات.. وكانت مدرسة كغيرها من المدارس .. لاتتميز بشيء.
وحين علم بذلك مدير التعليم بذلك، وأدرك أنها ستكون نصراً إعلامياً لها مما قد يساهم في التمديد له، وجه جميع الجهات المختصة في الإدارة بتجهيز المدرسة بكل ماتحتاجه.
فانطلق فريق الصيانة للترميم والدهان وإصلاح الأبواب ودورات المياه، وعمل ذلك الفريق حتى في أوقات الإجازات، وأصبحت المدرسة خلية نحل من العمالة المتنوعة .
وانطلق فريق آخر لمستودعات الإدارة ليأخذ منها كل مايريد من أثاث أو أجهزة أو برامج أو وسائل تعليمية، حيث تم توجيه جميع المعنيين بالصرف دون قيد أو شرط .
وبين عشية وضحاها تحولت المدرسة من مدرسة عادية إلى مدرسة (( متميزة)) فامتلأت الفصول بالأجهزة المخصصة لعرض الدروس التعليمية باستخدام الحاسب، وتم توفير السبورات الإلكترونية المسماة بالذكية في فصول المدرسة كلها، وتم إكمال مختبر العلوم وتجهيزه، وتم إنشاء الغرف المتخصصة، وتم تدشين الملعب الرياضي بحلة جديدة، تم تعتيق الغرف وتجهيزها بالإضاءات المخفية،  تم ( كل شيء) في وقت قياسي ..
كل ذلك ليقال!
كل ذلك من أجل عيون فريق التحكيم في تلك الجائزة الإماراتية !
كل ذلك ليقال أن مدرسة (ما) في الرياض حصلت على الجائزة !
كل ذلك ليقال لمعاليه .. هذه مدارسنا .. متميزة مثل مسئوليها!
يتم إنفاق مئات الآلاف من الريالات على مدرسة واحدة! ليس عن قناعة بأهمية الإنفاق على التعليم بل لمجرد الحصول على السمعة والمكانة !
لئن كانت الأعمال التي تم تنفيذها أمور مهمة وواجبة فلماذا تأخرت، ولماذا لم تشمل جميع المدارس - ولو كان ذلك عبر خطة مرحلية -، ولماذا لم تكن البداية بالمدارس المتهالكة والمدارس المستأجرة ..
وإن كانت ذلك الإنفاق ترفاً فلماذا يتم هذا التجاوز الكبير والصرف على تجهيزات لن تستخدم، ويتم رمي القديم واستبداله لمجرد إظهار التميز.
هل نحن مهووسون بالإعلام لهذه الدرجة؟
هل نخادع الناس بهذا أم نخادع أنفسنا؟
مسكينة تلك المدارس التي لم تحظ بشرف المشاركة في هذه الجائزة.. فليس لها إلا الفتات، وليس لها إلا أن تنتظر إلى أن يأتي دورها بعد عمر طويل ..
مساكين أولئك الطلاب الذين كان من حظهم أن يكونوا في مدرسة مستأجرة متهالكة .. فهم بين مبنى لايصلح للتعليم وبين إدارة تعليمية مهملة لصيانة المبنى، وترمي المسئولية على ملاك المباني، وبين مالك جشع بخيل لاينفق على إصلاحات المدرسة ريالاً واحداً، فيقوم المدير ومعه حفنة من المدرسين المتعاونين على دفع أجور الإصلاح من جيوبهم !
أتمنى من فريق جائزة محمد بن راشد أن يقوم بزيارة مفاجئة لمدارسنا المستأجرة، ويلقي عليها نظرة واحدة قبل أن يقرر منحنا – كذبا وزوراً – تلك الجائزة التي لانستحقها.
وأتمنى من معالي النائب أن يقوم بزيارة لعدد من المدارس ذات المباني المستأجرة في أطراف المدينة وفي وسطها .. ليقم بزيارة مدارس النظيم، والعريجا، ومنفوحة، وسلطانة، والشفا.. وليكن ذلك دون إشعار مسبق، ليعرف حقيقة البيئة التعليمية التي يدرس فيها طلابنا بعيداً عن جميع المكاييج التي يتم صنعها للمدارس النموذجية!
ولا أظن أن بقية مناطق المملكة أحسن حالاً من العاصمة (الرياض) ففي كل أرض بنوعمرو، وكل يغني على ليلاه، وكل مدير في أنحاء مملكتنا الغالية ينشد التزين أمام المسئول لتحقيق مصلحته الشخصية، وتحسين صورته دون التفات حقيقي لجوانب المعاناة التي تعيشها المدارس، ويعانيها طلابنا المساكين!

0 التعليقات:

إرسال تعليق