ثمة فرق كبير بين (المحتوى) و بين (القدرة على تقديمه) سواء كان ذلك التقديم مسموعاً أو مقروءاً أومشاهداً.
ذلك أن التأليف هو قدرة على العرض الرائع المكتوب لمحتوى محدد، سواء كان ذلك المحتوى من عندياتك وخبراتك وتجاربك أو مقتبساً ومأخوذاً من الآخرين.
مدونة محمد العوشن حول تطوير الذات، والعمل الخيري، والقضايا الاجتماعية
ثمة فرق كبير بين (المحتوى) و بين (القدرة على تقديمه) سواء كان ذلك التقديم مسموعاً أو مقروءاً أومشاهداً.
ذلك أن التأليف هو قدرة على العرض الرائع المكتوب لمحتوى محدد، سواء كان ذلك المحتوى من عندياتك وخبراتك وتجاربك أو مقتبساً ومأخوذاً من الآخرين.
غيّب الموت كثيراً من رجالات العمل الخيري وقياداته والخبراء فيه، وافتقدهم العمل وهو في أمسّ الحاجة إليهم، افتقدهم وهم في مرحلة النضج، حيث نمت معارفهم، وازدادت خبراتهم، واستوت تجربتهم، وعظم تأثيرهم ودورهم، ففي خضم ذلك الصعود والترقّي، غادرونا دون ميعاد، وغابوا عن المشهد بصمت..، غادروا وذكرياتهم باقية، إذ يتردد اسمهم مرة بعد أخرى، ثم يبدأ ذلك الاسم في الخفوت شيئاً فشيئاً، فيسمع بهم الداخلون الجدد إلى العمل الخيري سماعاً عاماً، تروى فيه لهم بعض الحكايا والقصص عن أولئك الرواد الأوائل، وبذلهم وصنيعهم، ولا يتجاوز الحديث عنهم إلى ما هو أعمق..فتغيب شخوصهم، وتغيب خبراتهم في الوقت ذاته.
لا يستطيع الجيل القادم أن يعرف الكثير عن مجريات الأمس واليوم، ولا حكاياته، وأحداثه المفصلية، ولا يعرف عن محطات التحول التي عاشها المجتمع والعمل الخيري، ولذا فإنه سوف يكرر الكثير من الأخطاء التي وقع فيها من سبقه، وسيكون بعيداً عن سير الرواد الأوائل، وأهل التميز والنجاح الذين كافحوا ونافحوا وشقّوا الطريق لأول مرة، واستطاعوا نقل العمل من أطر التقليدية إلى آفاق أوسع وأرحب، سيبدأ الجيل الجديد في تلمس الطريق مرة أخرى بجهد جهيد، ويبحث عن القدوات فلا يعرفها وإن عرفها لم يجد عنها من المعلومات إلا النزر اليسير.