الكارثة الحلبية
تعصف بأمتنا العواصف منذ زمن غير قصير؛ ولهذا كانت الأمة موعودة في كل عقد من الزمان بمصيبة جديدة، وكارثة كبرى تقتل البشر قتلاً ذريعاً، وتفعل فيهم الأفاعيل، وتهدّم البيوت والمساجد والمشافي على رؤوس من فيها، وتفرّق الدول شذر مذر، وتحيل عمارها خراباً، وبنيانها يباباً.
ومع كل كارثة تحلّ، يتنادى الناس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويتحوّل الجهد كلّه لإطفاء الحريق بعد اشتعاله، وعلاج المصابين، ودفن الجثث.
إن ما يقع اليوم في حلب ليس حالة استثنائية، فهو قد وقع بالأمس في العراق، وقبله في الشيشان، والبوسنة، وأفغانستان، كما أنه واقع في قبلة المسلمين الأولى “فلسطين” منذ ستين عاماً.
لقد كتب الله على بلاد الإسلام بسبب تقصير أهلها، وتخاذلهم، وانشغالهم بملهيات الحياة أن تكون بلداناً موصومة بأنها من ضمن “دول العالم الثالث”، وهذا التصنيف ليس مجرد تهمة مكذوبة، ولكنه حقيقة واقعة للأسف.
فالدول الإسلامية سوق رائجة لسلاح الغرب والشرق، وأجهزته، وتقنياته، ومنتجاته.
والدول الإسلامية تعتمد اعتماداً كلياً على ما ينتجه أولئك، فهي أبعد ما تكون عن الاكتفاء الذاتي.
والدول الإسلامية بينها من البغضاء والشحناء؛ ما يجعل اتفاقها حلماً، واجتماعها مستحيلاً.
والدول الإسلامية لا تستطيع في الوضع الراهن أن تقف في وجه هذا المدّ الاستعماري العسكري حين يقرر أن يزيل دولة أو يغيّر نظاماً، ولو تجرأت إحدى الدول على شيء من المقاومة لكانت الهدف التالي لذلك الهجوم.
ولذا باتت أراضي المسلمين اليوم هي أرض المعركة، فيختصم الأعداء أيهم يسبق إليها، ويجمعون عتادهم وأسلحتهم للقتال عليها، وتصبح تلك الأراضي وأهلها حقل تجارب حقيقياً للأسلحة المصنوعة حديثاً، يختبرونها على الناس، ويطورونها وفقاً لنتائجها عليهم، ويأخذون ثمن ذلك كله من خيرات الأرض المحتلّة.
إننا أمام واقع مخزٍ، سيسجله التاريخ سبّة وعاراً على كل من كان بيده أن يصنع شيئاً فما صنع، وكل من كان بإمكانه العمل لرفعة المجتمعات الإسلامية وتقويتها واجتماعها فتخاذل وانشغل بخاصة نفسه.
لم تكن (حلب) الأولى ولن تكون الأخيرة، غير أن واجب الوقت اليوم يتطلب عملاً جاداً ورسمياً لتقديم كل العون والمؤازرة لإخواننا هناك؛ إذ إنهم يقفون سداً في وجه الطوفان الصفوي العارم الذي يريد توسيع نطاق سيطرته، منتقلاً من إيران إلى العراق، ثم إلى الشام، ليزحف بعدها نحو باقي البلاد الإسلامية.
وهذا العون الواجب تقديمه يشمل الجوانب المالية والطبية والغذائية للمحاصرين والمستضعفين هناك، كما يشمل الجوانب السياسية والدبلوماسية والإعلامية؛ من أجل فضح التآمر الغربي/ الصفوي، وبيان الانتهاكات الضخمة التي تتم كل يوم في ظلّ التشدق بحقوق الإنسان، والحريّات التي طالما قدّم لنا فيها الغرب “المواعظ” و”اللطميات”.
إن التحرك الرسمي المتزن في نصرة المظلومين، وامتصاص الغضب الشعبي العارم في بلاد الإسلام من خلال مشروعات تحقق خدمة لهؤلاء المستضعفين، وفق أسلوب منضبط يتناسب مع الأنظمة المتّبعة، والسياسة الرشيدة، والحكمة في إدارة الصراع؛ كفيل بتحقيق العون والمناصرة لأهل الشام، وأداء الواجب الشرعي تجاههم، وقطع الطريق أمام التيارات المتطرفة التي تتغذى على مثل هذه الكوارث، فتجعل منها مصدراً للحصول على الإمدادات البشرية واللوجستية، مستغلة انسداد الأفق لتقديم العون المشروع، فتفتح سبلاً غير مشروعة.
تم النشر في صحيفة تواصل الإلكترونية من هنا
ومع كل كارثة تحلّ، يتنادى الناس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويتحوّل الجهد كلّه لإطفاء الحريق بعد اشتعاله، وعلاج المصابين، ودفن الجثث.
إن ما يقع اليوم في حلب ليس حالة استثنائية، فهو قد وقع بالأمس في العراق، وقبله في الشيشان، والبوسنة، وأفغانستان، كما أنه واقع في قبلة المسلمين الأولى “فلسطين” منذ ستين عاماً.
لقد كتب الله على بلاد الإسلام بسبب تقصير أهلها، وتخاذلهم، وانشغالهم بملهيات الحياة أن تكون بلداناً موصومة بأنها من ضمن “دول العالم الثالث”، وهذا التصنيف ليس مجرد تهمة مكذوبة، ولكنه حقيقة واقعة للأسف.
فالدول الإسلامية سوق رائجة لسلاح الغرب والشرق، وأجهزته، وتقنياته، ومنتجاته.
والدول الإسلامية تعتمد اعتماداً كلياً على ما ينتجه أولئك، فهي أبعد ما تكون عن الاكتفاء الذاتي.
والدول الإسلامية بينها من البغضاء والشحناء؛ ما يجعل اتفاقها حلماً، واجتماعها مستحيلاً.
والدول الإسلامية لا تستطيع في الوضع الراهن أن تقف في وجه هذا المدّ الاستعماري العسكري حين يقرر أن يزيل دولة أو يغيّر نظاماً، ولو تجرأت إحدى الدول على شيء من المقاومة لكانت الهدف التالي لذلك الهجوم.
ولذا باتت أراضي المسلمين اليوم هي أرض المعركة، فيختصم الأعداء أيهم يسبق إليها، ويجمعون عتادهم وأسلحتهم للقتال عليها، وتصبح تلك الأراضي وأهلها حقل تجارب حقيقياً للأسلحة المصنوعة حديثاً، يختبرونها على الناس، ويطورونها وفقاً لنتائجها عليهم، ويأخذون ثمن ذلك كله من خيرات الأرض المحتلّة.
إننا أمام واقع مخزٍ، سيسجله التاريخ سبّة وعاراً على كل من كان بيده أن يصنع شيئاً فما صنع، وكل من كان بإمكانه العمل لرفعة المجتمعات الإسلامية وتقويتها واجتماعها فتخاذل وانشغل بخاصة نفسه.
لم تكن (حلب) الأولى ولن تكون الأخيرة، غير أن واجب الوقت اليوم يتطلب عملاً جاداً ورسمياً لتقديم كل العون والمؤازرة لإخواننا هناك؛ إذ إنهم يقفون سداً في وجه الطوفان الصفوي العارم الذي يريد توسيع نطاق سيطرته، منتقلاً من إيران إلى العراق، ثم إلى الشام، ليزحف بعدها نحو باقي البلاد الإسلامية.
وهذا العون الواجب تقديمه يشمل الجوانب المالية والطبية والغذائية للمحاصرين والمستضعفين هناك، كما يشمل الجوانب السياسية والدبلوماسية والإعلامية؛ من أجل فضح التآمر الغربي/ الصفوي، وبيان الانتهاكات الضخمة التي تتم كل يوم في ظلّ التشدق بحقوق الإنسان، والحريّات التي طالما قدّم لنا فيها الغرب “المواعظ” و”اللطميات”.
إن التحرك الرسمي المتزن في نصرة المظلومين، وامتصاص الغضب الشعبي العارم في بلاد الإسلام من خلال مشروعات تحقق خدمة لهؤلاء المستضعفين، وفق أسلوب منضبط يتناسب مع الأنظمة المتّبعة، والسياسة الرشيدة، والحكمة في إدارة الصراع؛ كفيل بتحقيق العون والمناصرة لأهل الشام، وأداء الواجب الشرعي تجاههم، وقطع الطريق أمام التيارات المتطرفة التي تتغذى على مثل هذه الكوارث، فتجعل منها مصدراً للحصول على الإمدادات البشرية واللوجستية، مستغلة انسداد الأفق لتقديم العون المشروع، فتفتح سبلاً غير مشروعة.
تم النشر في صحيفة تواصل الإلكترونية من هنا
10:51 ص