مونوبولي - نظرة أولى
تنويه مهم : هذا المقال كتب في شوال 1432هـ ونشر حينها في الفيسبوك، وقد رغبت في وضعه في مدونتي كأرشيف لنقد إعلامي قمت به حينها، فإن لم يكن الموضوع يروق لك، فيمكنك تجاوزه بسهولة ويسر.
تابعت الحملة الإعلامية المتقنة في "تويتر" للتسويق لفيلم "مونوبولي" .. من تصوير وإخراج بدر الحمود وسيناريو عبد المجيد الكناني وتمثيل محمد القحطاني وفيصل الغامدي ومجموعة شباب عزبة التائبين، والذي يناقش أزمة السكن في المملكة العربية السعودية، وهو الفيلم الذي حظي بعدد مشاهدات مرتفع جداً إذ بلغ مايزيد عن نصف مليون مشاهد خلال 4 أيام من إطلاقه على موقع اليوتيوب.
ومامن شك أن القضية التي تناولها الفيلم من جهة، والترويج الإلكتروني الكبير للفيلم من جهة أخرى دفع الكثيرين لمشاهدة الفيلم .
وحيث أن الفيلم - في نهاية المطاف- جهد فني بشري، فإنني أسوق جملة من الملاحظات النقدية التي بدت لي ..مدركاً أن البعض قد يسيء الظن، أو يكيل الاتهامات، أو يعتبر نقد العمل استهانة بالقضية التي تناولها الفيلم .
لكنني بوصفي مشاهداً، ومواطناً في آن، سوف أدلي بدلوي في نقد الفيلم :
1 - برغم أن الفيلم أعلن منذ البداية أنه سيكون عن أزمة السكن إلا أنه خلط بين هذه المشكلة وقضايا أخرى، فتحدث عن مشكلة البطالة، والوظائف المؤقتة، وأداء المنتخب.. وهي مشغلات تخرج المشاهد عن الفكرة الرئيسة في الفيلم ليصبح وكأنه يريد أن يناقش (كل) المشاكل .. وكأنما جاءت رحلة البرازيل عرضاً فتم تصويرها وإقحامها في الفيلم بالقوة .
2 - دخول المهندس عصام الزامل في الفيلم بدا نشازاً وقطعاً للمتابعة بالنسبة للمشاهد، برغم أهمية المعلومات التي طرحها، وحسن تعاطيه مع القضية .
3 - اقتصر الفيلم على حل واحد لمشكلة السكن، وهو فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وكأنه الحل السحري للمشكلة، مع أنه لايعدو أن يكون أحد الحلول الجزئية، بل ربما كان فرض الرسوم محل خلاف في مدى قدرته على خفض أسعار الأراضي أصلاً، إذ يعتبر البعض ذلك الإجراء - والذي تم اتخاذه بعد مدّة - مدعاة لمزيد من الارتفاع في أسعارها، فضلاً عن أن هذه الرسوم ستعود بالوفرة لخزينة الدولة، والتي لا تشتكي من النقص أصلاً .
4 - تضمن الفيلم قضايا جانبية تصرف الذهن عن القضية، فكتاب الأمراض النسائية والدخول به إلى دورة المياه، في إشارة إلى أحد السلوكيات غير المرغوبة يتسبب في التشويش على المشاهد، والأمر نفسه يقال عن تركيز الكاميرا على شعار شركة آبل.
5 -تحدث الفيلم عن السكن العشوائي في البرازيل باعتباره حلاً لجأ إليه المدرّب الشاب، والحقيقة أن السكن العشوائي ممكن في كل دول العالم بما فيها المملكة، فلو كان هذا هو منتهى مراد المواطن لكان الأمر هيناً .
6 - لم يتناول الفيلم مشكلة السكن من جميع جوانبها، فلم يشر لساكني الصفيح والبيوت الشعبية والطينية، كما لم يتناول الفئات الأخرى غير الشباب وحجم معاناتهم ..
7 - كان الفيلم يركز على الفئة المثقفة من الشباب ( طبيب امتياز - مهندس - مسوق - ..) ومعاناتهم من المشكلة برغم رواتبهم المعقولة نسبياً، وتجاهل الفيلم أحوال موظفي البنود المالية المنخفضة كحراس الأمن (السكيورتي)، وأمثالهم ممن لاتتجاوز رواتبهم 3000 ريال، وهم الطبقة الكادحة فعلاً .
كانت هذه نظرة أولى، أحببت أن أضعها بين يديكم .. ولكم الحق في قبولها أو ردها .
محمد العوشن
إعلامي
11:22 ص