الرحيل الصعب .. سعد العريفي "صديق أبي"
في يوم الخميس 1 / 4 / 1441هـ توفي العمّ / سعد بن سعود أبومالك العريفي - رحمه الله -، وصلى عليه بعد صلاة الجمعة بجامع الملك خالد، و دفن بمقبرة شمال الرياض.
وكان الفقيد / سعد العريفي - رحمه الله - صاحبا لوالدي (سعد بن محمد العوشن) منذ الطفولة، فرّقتهما الظروف والأحوال وظيفياً وجغرافياً فترة من الزمن، وجمعتهما المحبة والصلة والقرابة.
كما كان الفقيد -رحمه الله- كريما مضيافا لا يملّ ولا يكلّ من التواصل والدعوة للولائم في مزرعته وبيته.
وقد اعتاد والدي -حفظه الله- على لقاء أسبوعي في مزرعة الفقيد كل ثلاثاء، حيث كان الفقيد يتصل كل مرة للتأكيد والتأكد من حضور أبي، ولم يكن سعد العريفي يترك هذا الاتصال إطلاقا سواء كان والدي حاضرا او مسافرا.
وبعد أن أجهده المرض، وتكرر عليه التعب، واحتاج إلى مزيد من الاهتمام والقرب من المستشفيات، انتقل من مزرعته بجوار المزاحمية (جو) إلى منزله في حي الخزامى، ونقل معه وليمته الأسبوعية التي يجتمع فيها جملة من الأقارب والرفاق.
وكان حسّ الطرافة والظرافة ملازما للفقيد -رحمه الله- في كل حالاته، فكنا نزوره في المستشفى في بعض المرات التي دخل فيها، فيهش ويبش، ويضحك، ويذكرنا ببعض مواقفه الطريفة مع الوالد او مع بعض الأقارب، فنخرج وقد أنسنا بلقياه، مع التعب الذي يعاني منه.
وكان يختم كل اتصال او لقاء بالتأكيد علينا لحضور هذه الوليمة أو تلك من المناسبات التي سيقيمها بعد خروجه من المشفى بأيام.
كما كان الفقيد في شبابه موظفاً بالمنطقة الشرقية، وحين توفي والده، طلب من مديره أن يوافق على نقله للرياض ليرعى أمه، وإخوانه وأخواته، فإن تعذر ذلك فإنه يرغب في الاستقالة، فكان أن وافق على نقله للرياض، فقام على شؤون أمه وإخوانه خير قيام، واعتنى بهم، واشترى بيتاً أسكنهم فيه، وبذل في ذلك حتى تيسرت أمورهم واستقلوا عنه.
ثم سافر في رحلة لطلب لقمة العيش إلى المنطقة الجنوبية حيث عمل فيها سنين طويلة، ولم يعد للرياض إلا حين كبر سنه واحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام والقرب.
ولأن الجزاء من جنس العمل فقد رزق الله الفقيد - رحمه الله- بعدد من الأبناء البررة الذين لا تكاد تفتقدهم في مزرعته ومنزله، يرحبون بضيوفه، ويتفقدون احتياجاته، وينظرون فيما يسعده، ويسافرون به إلى الأماكن التي تدخل السرور إلى قلبه، بل ويتفقدون أصدقائه الذين يعلمون أنه يفرح بمجيئهم.
وفي أيامه الأحيرة زاد عليه الألم والوجع، وكان يعطى مسكناً ومنوماً لتخفيف الآلام، مع ذلك كان يوصي ابنه المرافق له ويقول (يا ولدي ..احسب لي صلواتي) حرصاً على أن لا تفوته أي صلاة.
رحمك الله يا أباخالد، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، ورفع درجاتك في المهديين، و اخلفك في عقبك في الغابرين.
وإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا سعد لمحزونون، ولا نقول إلا مايرضي ربنا..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
محمد بن سعد العوشن
الرياض 2 / 4 / 1441
@bin_oshan
تتمة ذات صلة :
بقي أن أشير هنا إلى أن مبدأ هذه العلاقة بين سعد العريفي (أبوخالد) وسعد بن عوشن (أبوحسان)، وهو العلاقة الوثيقة جداً التي كانت تربط بين أمهاتهما نورة بنت سعد العريفي ، رفعة بنت إبراهيم العوشن، فقد كانتا متجاورتين في المسكن ونشأت بينهما صداقة قوية في عصر كانت الحاجة والفاقة فيه شديدة، وكانت كل واحدة منهما تفزع للأخرى في كل ما ينوبها.
وأنجبت كل واحدة منهن ولداً اسمه سعد، وكعادة القرى والريف، يتم إطلاق الألقاب على الأطفال للتمييز بينهم، فقامت جدتي رفعة - رحمها الله - بالتشكّي لصديقتها من اللقب الذي لحق بابنها (والدي) فقالت نورة العريفي ( والدة سعد ابومالك) : ابشري يارفعة، هذا اللقب سيكون لابني وليس لابنك وانا كفيلة بنقله عنه وتلبيسه لابني ، وفي اثناء لعب الصبيان بجوار بيتها خاطبتهم وقالت لهم : يا عيال .. سأعطيكم طعاماً تأكلونه، لكن ذلك مشروط بشرط، فقالوا : موافقون، فما هو؟ قالت أن تكفوا عن إطلاق هذا اللقب على ابن عوشن، وتطلقونه على ابني سعد ففرح الصبيان وطبقوا الشرط، فبقي اللقب مخصوصاً به حتى وفاته، بل انتقل إلى كل أحفاده الذين حملوا اسمه (سعد).
وكانت هاتان الصديقنات الحميمتان تتزاوران طيلة حياتهما رغم كبر سنهن وضعفهن ومرضهن.
وكانت هذه العلاقة سبباً في نشوء علاقة قوية بين كلتا العائلتين ولازالت العلاقة في قوة ومتانة وتوسع بحمد الله.
وكان الفقيد / سعد العريفي - رحمه الله - صاحبا لوالدي (سعد بن محمد العوشن) منذ الطفولة، فرّقتهما الظروف والأحوال وظيفياً وجغرافياً فترة من الزمن، وجمعتهما المحبة والصلة والقرابة.
كما كان الفقيد -رحمه الله- كريما مضيافا لا يملّ ولا يكلّ من التواصل والدعوة للولائم في مزرعته وبيته.
وقد اعتاد والدي -حفظه الله- على لقاء أسبوعي في مزرعة الفقيد كل ثلاثاء، حيث كان الفقيد يتصل كل مرة للتأكيد والتأكد من حضور أبي، ولم يكن سعد العريفي يترك هذا الاتصال إطلاقا سواء كان والدي حاضرا او مسافرا.
وبعد أن أجهده المرض، وتكرر عليه التعب، واحتاج إلى مزيد من الاهتمام والقرب من المستشفيات، انتقل من مزرعته بجوار المزاحمية (جو) إلى منزله في حي الخزامى، ونقل معه وليمته الأسبوعية التي يجتمع فيها جملة من الأقارب والرفاق.
وكان حسّ الطرافة والظرافة ملازما للفقيد -رحمه الله- في كل حالاته، فكنا نزوره في المستشفى في بعض المرات التي دخل فيها، فيهش ويبش، ويضحك، ويذكرنا ببعض مواقفه الطريفة مع الوالد او مع بعض الأقارب، فنخرج وقد أنسنا بلقياه، مع التعب الذي يعاني منه.
وكان يختم كل اتصال او لقاء بالتأكيد علينا لحضور هذه الوليمة أو تلك من المناسبات التي سيقيمها بعد خروجه من المشفى بأيام.
كما كان الفقيد في شبابه موظفاً بالمنطقة الشرقية، وحين توفي والده، طلب من مديره أن يوافق على نقله للرياض ليرعى أمه، وإخوانه وأخواته، فإن تعذر ذلك فإنه يرغب في الاستقالة، فكان أن وافق على نقله للرياض، فقام على شؤون أمه وإخوانه خير قيام، واعتنى بهم، واشترى بيتاً أسكنهم فيه، وبذل في ذلك حتى تيسرت أمورهم واستقلوا عنه.
ثم سافر في رحلة لطلب لقمة العيش إلى المنطقة الجنوبية حيث عمل فيها سنين طويلة، ولم يعد للرياض إلا حين كبر سنه واحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام والقرب.
ولأن الجزاء من جنس العمل فقد رزق الله الفقيد - رحمه الله- بعدد من الأبناء البررة الذين لا تكاد تفتقدهم في مزرعته ومنزله، يرحبون بضيوفه، ويتفقدون احتياجاته، وينظرون فيما يسعده، ويسافرون به إلى الأماكن التي تدخل السرور إلى قلبه، بل ويتفقدون أصدقائه الذين يعلمون أنه يفرح بمجيئهم.
وفي أيامه الأحيرة زاد عليه الألم والوجع، وكان يعطى مسكناً ومنوماً لتخفيف الآلام، مع ذلك كان يوصي ابنه المرافق له ويقول (يا ولدي ..احسب لي صلواتي) حرصاً على أن لا تفوته أي صلاة.
رحمك الله يا أباخالد، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، ورفع درجاتك في المهديين، و اخلفك في عقبك في الغابرين.
وإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا سعد لمحزونون، ولا نقول إلا مايرضي ربنا..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
محمد بن سعد العوشن
الرياض 2 / 4 / 1441
@bin_oshan
تتمة ذات صلة :
بقي أن أشير هنا إلى أن مبدأ هذه العلاقة بين سعد العريفي (أبوخالد) وسعد بن عوشن (أبوحسان)، وهو العلاقة الوثيقة جداً التي كانت تربط بين أمهاتهما نورة بنت سعد العريفي ، رفعة بنت إبراهيم العوشن، فقد كانتا متجاورتين في المسكن ونشأت بينهما صداقة قوية في عصر كانت الحاجة والفاقة فيه شديدة، وكانت كل واحدة منهما تفزع للأخرى في كل ما ينوبها.
وأنجبت كل واحدة منهن ولداً اسمه سعد، وكعادة القرى والريف، يتم إطلاق الألقاب على الأطفال للتمييز بينهم، فقامت جدتي رفعة - رحمها الله - بالتشكّي لصديقتها من اللقب الذي لحق بابنها (والدي) فقالت نورة العريفي ( والدة سعد ابومالك) : ابشري يارفعة، هذا اللقب سيكون لابني وليس لابنك وانا كفيلة بنقله عنه وتلبيسه لابني ، وفي اثناء لعب الصبيان بجوار بيتها خاطبتهم وقالت لهم : يا عيال .. سأعطيكم طعاماً تأكلونه، لكن ذلك مشروط بشرط، فقالوا : موافقون، فما هو؟ قالت أن تكفوا عن إطلاق هذا اللقب على ابن عوشن، وتطلقونه على ابني سعد ففرح الصبيان وطبقوا الشرط، فبقي اللقب مخصوصاً به حتى وفاته، بل انتقل إلى كل أحفاده الذين حملوا اسمه (سعد).
وكانت هاتان الصديقنات الحميمتان تتزاوران طيلة حياتهما رغم كبر سنهن وضعفهن ومرضهن.
وكانت هذه العلاقة سبباً في نشوء علاقة قوية بين كلتا العائلتين ولازالت العلاقة في قوة ومتانة وتوسع بحمد الله.
10:29 ص