المنظمات التي تبدو ناجحة!
والحقيقة أنه قبل السؤال عن أسرار النجاحات، فإننا بحاجة - أولاً – للاستيثاق من هذا الحكم الأولي بالنجاح ابتداءاً، قبل أن نبدأ في دراسة مسبباته.
وهذا يعني أن نعود للمربع رقم واحد، ونسأل: هل هذه المنظمة ناجحة فعلاً؟ وما المعايير التي من خلالها تم إصدار هذا الحكم، وهل جاء اعتبارها ناجحة من خلال فحص فني دقيق، ومعايير محكّمة، مع وجود الشواهد المؤكدة لذلك، أم أننا تقبلنا تلك الأحكام بالتسليم انطلاقاً من بعض الانطباعات الشخصية، والإجابات العامة؟
والذي يدعوني لطرح هذه الأسئلة التي تتناول مدى وجود النجاح أصلاً، أن جملة من المنظمات التي تبدو ناجحة في عملها إنما بدت كذلك لا لنجاحها الفعلي على أرض الواقع، وإحداثها للأثر المنشود، وإنما بسبب جهد إعلامي دؤوب في بناء الصورة الذهنية، وإنفاق الكثير من المخصصات المالية التي تهدف للتلميع والظهور والإبراز الإعلامي، من خلال تقارير براقة، ومعرفات نشطة، وحملات ترويج، ومواد مرئية متقنة، وهي الأدوات التي من شأنها أن تجعل الصغير عظيما، والفاشل ناجحاً، والعكس.
كما أن الأرقام التي توصف بأنها (لا تكذب)، يمكن استعمالها في الخداع على نطاق واسع، بحيث تبدو الأرقام مقنعة جداً وتدعو للانبهار، وحين يتم تدقيقها ومراجعتها فإنها تتبخر كقطرات من الماء في شمس الظهيرة.
لذا فالمسألة الأولى، والمهمة هي: التأكد من وجود النجاح فعلياً، واستخدام الأدوات المحكمة للوصول إلى هذه النتيجة..
وهي كما يقول المثل : ثبّت العرش ثم انقش .
فحين نتحقق منها نأتي إلى السؤال - الذي يكون في محله حينئذ - من خلال بذل غاية الوسع في معرفة الأسباب التي أدت لذلك النجاح، وعدم الاعتماد على الانطباعات العجلى والسريعة، فإن الأحكام المبنية على مجرد الظنون والتوقعات ليست مما يمكن البناء عليه والاعتماد على نتائجه.
ولاشك أن تقييم المنظمات لمعرفة الناجح منها، والدراسة للأسباب من شأنها أن تنشر ثقافة التميز والنجاح، وتعطي خارطة طريق واضحة للراغبين في اللحاق بركب الناجحين.
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
bin_oshan
(الرياض) حرسها الله