أصوات المرجفين!
أيها المدير الجديد، أو المقبل حديثاً على تولي مهمة إدارية:
حين تدرس العرض المقدم لك لكي تعمل "مديراً" فيجب عليك أن لا تصغي للفاشلين والمنزوين وغير المجربين، أصحاب الهمم المتدنّية الذين يخوّفونك من أشياء لم يعرفوها ولم يجربوها..
وحديثهم فيها كحديث المفلس عن مخاطر الثروة..
أو حديث العاميّ عن سلبيات القراءة والتعليم!.
لا أقول هذا الكلام تنظيراً فحسب، بل إنني أتحدث عن تجربة عايشتها بنفسي.
ففي حياتي العملية الوظيفية، حين قررت الانتقال من العمل (معلماً) إلى العمل (وكيلاً لمدرسة)، وقمت بالترشّح لذلك، جاء إليَّ جملة من المُخذّلين من زملائي في المدرسة، يخبرونني عن صعوبات العمل في مهمة "وكيل مدرسة"، وعن خطورة التفريط في بيئة العمل الحالية التي أعمل فيها معلماً، ويذكّرونني بأن المدرسة التي سأصبح وكيلاً لها تقع في حيّ من أحياء من مدينة الرياض التي يغلب على الظن صعوبة ضبط الطلاب فيها، وأخذ بعضهم يتطوّع فيروي لي قصصاً وأساطير عن وكلاء ومديرين تعرضوا للاعتداء على ذواتهم، أو على ممتلكاتهم، وأخذوا يسوقون لي من التخويفات الشيء الكثير!
ولو أنني استمعت لنصائحهم حينها لكنت - حتى اليوم - في مدرستي وبنفس مستواي وقدراتي وعلاقاتي وخبراتي، غير أنّ الله أعانني على تجاهل تلك الوصايا المسمومة التي كانت مغلّفة بمشاعر الخوف والحبّ أحياناً.( إذا لم تحاول أن تفعل شيئا أبعد مما قد أتقنته، فإنك لا تتقدم أبدا)رونالد اسبورت
لقد أقدمت على المهمّة، وتقبّلت المخاطرة، وعملت بالمبدأ الذي يقول (الحياة التي ليس فيها مغامرة : لا تستحق أن تعاش)، وأدركت أنه لن تحدث كارثة كبرى حين أفعل هذا الأمر، واعتبرت أن "الأوهام" التي ساقوها هي مجرّد ظنون، و (إنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئاً) .
وكنت أقول لنفسي : (لو أنني فشلت في المهمة بعد بذل الجهد والطاقة، فالعمر لم ينته، وخيارات العودة لم تغلق، فعودتي للعمل معلماً هي الخطوة الأيسر)، لذا فقد واصلت التقدّم، فانتقلت بعد عام واحد من العمل وكيلاً لمدرسة متوسطة ، إلى العمل وكيلاً لمدرسة هي من أكبر ثانويات الرياض حجماً ، وكان عدد طلابها يجاوزون الألف طالب، وواجهت حين هممتُ بهذا الانتقال الآخر موّالاً من التثبيط والتخويف، وكنت قد وعيت الدرس فلم أعر هذا الموال اهتماماً ، فتقبّلت المهمة، ووجدتني أتعلم منها الكثير، وأكتسب من الخبرات والمعلومات والعلاقات مالم أكن لأحصل عليه لو رضيت بالبقاء في موقعي السابق.
وقد يسّر الله لي بعد ذلك الانتقال للعمل مشرفاً تربوياً، ثم مديراً لأكثر من وحدة إدارية في مجال الإشراف، ورئيساً لعدد من اللجان، ثم نائباً لمدير مركز التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم بمنطقة الرياض التعليمية لعدّة سنوات.
وقد وجدتني في كل مهمة جديدة أنمو وأتقدم وأتعلم وأتعرف، وجدتني شخصاً آخر في كل مرّة، بفضل الله وتوفيقه، ثم باصطحاب شعور الإقدام لا الإحجام، والتعامل مع مشاعر الخوف بطريقة تحدّ من تأثيراته.
مردداً : لن تحدث كارثة كبرى حين أجرب العمل في هذه المهمة.
( أفضل وسيلة للهجوم على الخوف ..هي الإقدام على الشيء الذي تخشاه)روبن شارما
دمتم بخير ،،
محمد بن سعد العوشن
@binoshan
11:37 م