لا شيء يوجِب الغضب!
طالما أعطينا القضايا أكبر من قدرها، وأوليناها من الاهتمام ما لا تستحق، وتفاعلنا مع الحدث الصغير بما يوهم أنه شيء كبير يستحق ذلك!
كم مرة استشطنا غضباً، واحمرّت أعيننا، وانتفخت أوداجنا على قضايا “سخيفة جداً” لكننا نحن الذين ألقينا عليها أهمية ليست لها، ومكانة لا تستحقها!
ولا نعدم تبريراً لأنفسنا، وأن الغضب لم يكن لأجل القضية السخيفة هذه، ولكن لأنني لا أريد أن يكررها، أو لا أريد أن يتساهل فيها، أو لأنني أريد أن أوجه رسالة لذلك الطرف، أو غيرها من الأعذار الواهية التي لا تعبر عن حقيقة الأمر، وإنما تأتي دفاعاً عن الموقف الغلط!
ولو رجعنا بذاكرتنا للفترة القريبة الماضية وسألنا أنفسنا: ما هي آخر ثلاث مرات غضبنا فيها بشكل واضح، ثم تساءلنا ما الشيء الذي أثار غضبنا؟ وهل لا زال الموضوع مهمًا عندنا؟ وهل سنغضب كلما تكرر بنفس الدرجة؟ وهل غضبنا فعلاً للأحداث المشابهة لهذا الأمر؟
لأدركنا أننا كنا نغضب – غالبًا – لسبب غير مقنع، وأنه كان بإمكاننا أن نمرّر الموضوع دون انفعال، وأننا حين غضبنا؛ أفسدنا كثيرًا من الأمور التي لم يكن من المناسب إفسادها، وأن مثيرات الغضب تلك كان أكثرها من صغائر الأمور التي تفاعلنا معها فوق ما تستحق.
إن إحراق أعصابنا، واحتقان الدم في وجوهنا، وانفعالنا النفسي والجسدي ليس هناك ما يوجبه غالباً، ولو تأملنا الأمر ملياً لوجدنا أن سبب الانفعال في الكثير من الأحيان هو عوامل خارجية أخرى جعلتنا نعظم الشيء الحقير، ونتفاعل مع الحدث فوق ما ينبغي، وكأنما هو “القشّة” التي قصمت ظهر البعير، متناسين أن صحتنا وسلامتنا النفسية أهم بكثير من الوقائع المختلفة.
ولذا كانت وصيته صلى الله عليه وسلم المتكررة لمن طلبها: (لا تغضب) وهي لم تكن وصية عادية، فإن الغضب مفتاح الشرور ورأس الآثام، لذا قال المناوي -رحمه الله- “حديث الغضب هذا: ربع الإسلام”.
وفي الحديث الصحيح: (إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق في كل شيء)، فترفقوا، ولا تغضبوا، وهوّنوا على أنفسكم، فالحياة أقصر من أن تحرقوها بنيران الغضب.
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
تم النشر في صحيفة تواصل هـــنــا
1:38 م