حين يكون القتل “سُـنَّة”
ربما قام أحدنا بفعل، أو ابتكر طريقة، أو سنّ سنّة “حسنةً كانت أو سيئة” ثم طارت بها الركبان، فشرّقت وغرّبت، وأخذها الناس واحتفوا بها، وانتشرت بينهم انتشار النار في الهشيم، وصار لصاحبها اسم ذائع، ولربما فرح ذلك الفاعل بهذا التأثير الكبير الذي أحدثه صنيعه، والشهرة التي أورثها إياه ذلك الفعل.
غير أن الشيء الذي يجب أن يعرفه ذلك “المقتدى به” أن الأمر لا يمرّ بهذه السهولة، فكل من فعل هذا الفعل أو اعتنق هذا القول، فسيطال المقتدى به جزء من إثم الفعل أو أجره، إن خيراً وإن شراً.
ففي الحديث الثابت في الصحيحين، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل»!
فمن هو ابن آدم الأول هذا؟
إنه ذلك الذي ورد ذكر قصته في سورة المائدة، حين قال الله تعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين)، ثم في نهاية الحوار: (فطوّعت له نفسه قتل أخيه، فقتله، فأصبح من الخاسرين).
لقد أصبح من الخاسرين لأنه قام بعملية القتل الظالمة تلك، وأصبح من الخاسرين بشكل أكبر لأن كل عملية قتل ظالمة تتم عبر تاريخ البشرية كلها، سيطاله منها جزء من إثمها!
فأي خسارة أعظم من هذه الخسارة التي لا يزال رصيد الآثام فيها يزداد يوماً بعد آخر، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
بل لقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً).
وهو حديث يحمل في ثناياه البشائر والنذر!
فالبشائر فيه لمن دعا للهدى، ولمن ابتكر وسن وأوجد شيئاً خيراً يحتذى به، فيطاله من الأجور ما لم يحسب له حساباً من جرّاء المتابعين له طوال العصور.
والنذر للذين أزّهم الشيطان أزّاً، فسنوا سنة سيئة، وفتحوا للناس باب شر؛ إذ يطالهم إثم كل من ولجه، علموا به أم لم يعلموا.
إننا مأمورون – والحالة هذه – أن نعيد النظر في أقوالنا، وأفكارنا، وأفعالنا؛ للتأكد من وجهتها، خصوصاً مع وجود وسائل وشبكات التواصل اليوم، التي تتيح لكل واحد منا أن ينشر ما لديه إلى الكون كله بضغطة زر! وحينها لا يمكن للمرء إيقاف الانتشار أو السيطرة عليه أو تقليله.
ولأن كان نطاق تأثير الواحد منا في السابق أصحابه والمقربون منه، الذين يعرفهم، ويمكن له أن ينصحهم بترك الاقتداء به؛ فإن نطاق الوصول اليوم غير محدود ولا معروف، فالخطورة حينئذ عظيمة.
وبناء عليه فالمسؤولية تجاه الكلمة، والصورة، والفعل، تكون أكبر.
فيا أيها القارئ الكريم، تمهّل في ما تقول وتفعل وتنشر، واستوثق لدينك، واحمِ رصيد حسناتك، وتوقَّ آثام الآخرين، ولا تقبل الانسياق وراء الجموع التي تمضي للشهرة بكل طريق، التي تريد ظهور اسمها وذيوعه ولو باللعن والشتم.
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
تم النشر في صحيفة تواصل هــنــا
غير أن الشيء الذي يجب أن يعرفه ذلك “المقتدى به” أن الأمر لا يمرّ بهذه السهولة، فكل من فعل هذا الفعل أو اعتنق هذا القول، فسيطال المقتدى به جزء من إثم الفعل أو أجره، إن خيراً وإن شراً.
ففي الحديث الثابت في الصحيحين، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل»!
فمن هو ابن آدم الأول هذا؟
إنه ذلك الذي ورد ذكر قصته في سورة المائدة، حين قال الله تعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين)، ثم في نهاية الحوار: (فطوّعت له نفسه قتل أخيه، فقتله، فأصبح من الخاسرين).
لقد أصبح من الخاسرين لأنه قام بعملية القتل الظالمة تلك، وأصبح من الخاسرين بشكل أكبر لأن كل عملية قتل ظالمة تتم عبر تاريخ البشرية كلها، سيطاله منها جزء من إثمها!
فأي خسارة أعظم من هذه الخسارة التي لا يزال رصيد الآثام فيها يزداد يوماً بعد آخر، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
بل لقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً).
وهو حديث يحمل في ثناياه البشائر والنذر!
فالبشائر فيه لمن دعا للهدى، ولمن ابتكر وسن وأوجد شيئاً خيراً يحتذى به، فيطاله من الأجور ما لم يحسب له حساباً من جرّاء المتابعين له طوال العصور.
والنذر للذين أزّهم الشيطان أزّاً، فسنوا سنة سيئة، وفتحوا للناس باب شر؛ إذ يطالهم إثم كل من ولجه، علموا به أم لم يعلموا.
إننا مأمورون – والحالة هذه – أن نعيد النظر في أقوالنا، وأفكارنا، وأفعالنا؛ للتأكد من وجهتها، خصوصاً مع وجود وسائل وشبكات التواصل اليوم، التي تتيح لكل واحد منا أن ينشر ما لديه إلى الكون كله بضغطة زر! وحينها لا يمكن للمرء إيقاف الانتشار أو السيطرة عليه أو تقليله.
ولأن كان نطاق تأثير الواحد منا في السابق أصحابه والمقربون منه، الذين يعرفهم، ويمكن له أن ينصحهم بترك الاقتداء به؛ فإن نطاق الوصول اليوم غير محدود ولا معروف، فالخطورة حينئذ عظيمة.
وبناء عليه فالمسؤولية تجاه الكلمة، والصورة، والفعل، تكون أكبر.
فيا أيها القارئ الكريم، تمهّل في ما تقول وتفعل وتنشر، واستوثق لدينك، واحمِ رصيد حسناتك، وتوقَّ آثام الآخرين، ولا تقبل الانسياق وراء الجموع التي تمضي للشهرة بكل طريق، التي تريد ظهور اسمها وذيوعه ولو باللعن والشتم.
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
تم النشر في صحيفة تواصل هــنــا
1:46 م