مبادرة توثيق الموفّقين
ومن هنا تأتي مبادرة : "توثيق الموفّقين" او "توثيق الخطابات" والتي أرى بأنها تأخرت كثيراً في الانطلاق، مع أن طبيعة العمل فيها تقتضي وضع الكثير من الضوابط والاحتياطات، وذلك لأمرين، أولهما : ارتباطها بمعلومات عائلية متسمة بالسرية والكتمان، وثانيهما: وجود التحويلات المالية بين العديد من الأطراف، مما يوجب المزيد من الرقابة والإشراف والتدقيق، حتى لا تكون هذه الخدمة بوضعها الحالي أداة لغسل الأموال.
وتقوم هذه المبادرة على "توثيق الموفّقين"، أي توثيق من يقومون بالتوفيق والدلالة بين طالبي الزواج من الجنسين، وذلك بتسجيل بيانات كل من يرغب العمل في مجال التوفيق بين راغبي الزواج، ويكون ذلك وفق شروط ومحددات وضوابط، ومن خلال بيانات مكتملة عن الموفّق، وما يثبت شخصيته، وحسابه البنكي، واشتراط التسجيل في بوابة المشروع لدى الوزارة في كل من يمارس هذه الخدمة، بحيث يمكن للراغبين في التعامل معهم أو معهن أن يتأكد من وجود هذا المعرّف برقمه التسلسلي ضمن من تم توثيقهم لدى الوزارة، ويتحقق من سلامة البيانات المالية له.
كما أن المبادرة تقوم – في الوقت ذاته – بتقييد أي حوالات يتم تنفيذها من أجل ضبط العملية، وتوثيقها، وحماية حقوق الطرفين في حال وجود أي خلاف بينهما.
وحينها يمكن اعتبار كل معرّف أو رقم هاتفي يقدم هذه الخدمة دون ترخيص، ودون توثيق، فإنه يقوم بعمل غير مشروع، خصوصاً حين يكون ذلك بمقابل مادي.
لاشك أن تعدّد وسائل التوفيق بين راغبي الزواج، وتيسيرها، وتكثيرها هو أمر في غاية الأهمية، ذلك أن جزءاً غير قليل من العنوسة التي نشتكي منها اليوم ناشئ عن فقدان التواصل المجتمعي بين الناس، وتحولهم من العلاقات المجتمعية المتداخلة – سابقاً - إلى العوائل الصغيرة جداً – حالياً – والمنفصلة عن بعضها البعض رغم التجاور، فدور ( الموفّقين ) دور مهم، وهو دور أصيل، حتى وإن اكتنفت الممارسة العملية لهذا الدور – اليوم- الكثير من الأخطاء والتجاوزات بسبب عدم التنظيم.
إن الحديث عن أهمية وجود (الموفّقين) لا يعني إطلاقاً أن يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لمن شاء ليعمل تحت اسم (خطابة)، فالمتصيدون بهذا الاسم كثير، هذا فضلاً عن أن معرف الخطابة ليس بالضرورة أن تديره امرأة تقوم بهذه الخدمة، فأحياناً تكون هذه المعرفات والهواتف وسيلة يسيرة لاصطياد الفتيات، والإيقاع بهن، وربما تكون وسيلة لابتزازهن، فضلا ً عن أن جملة من هذه المعرفات أصبحت وسيلة لأخذ الأموال بغير حق باستغلال حاجة الرجال والنساء للزواج، كما أنه تحت هذه المعرفات يتم الكذب بتزيين وتزوير معلومات الرجل أو المرأة حيث يتم إضفاء الكثير من الصفات والمزايا والخصائص لضمان إجراء التحويل المالي، وذلك لأنهن – حتى الآن – بمأمن الإشراف والرقابة.
ولأن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مشكورة قد تمكنت من خلال الكثير من مبادراتها أن تضبط وتوثّق العديد من الإجراءات، لكونها الجهة المنظّمة لهذا القطاع (الاجتماعي)، فإنني أقترح عليها ان تطلق هذه المبادرة، والتي ستساهم – بإذن الله – في تقليص عدد المتلاعبين والمتلاعبات بمشاعر الراغبين في الزواج، وسيخفت بريق المخادعين، ويزهد الناس في كل من يعمل وهو غير موثّق رسمياً.
ويمكن للوزارة أن تطلق بوابة إلكترونية تتيح لكل من استخدم خدمات هؤلاء "الموفّقين" أن يقوم تقييم مستوى الخدمة المقدمة، ووضع درجات تعبر عن مستوى الموفّق، وتحديد مدى مصداقيته وحسن تعامله مع المستفيدين، مع الحرص على تطوير أداء هؤلاء الموفّقين، ومساندتهم، ووضع الضوابط لهم، ومراقبة أدائهم، وإعانتهم بالنماذج والبرامج المعينة، بما يحقق للوزارة مساهمة فاعلة في إتمام التوفيق، والتخفيف من العنوسة، من خلال عملية متكاملة موثوقة، ومتابعة مستمرة.
وأحسب أن الوزارة قادرة على ذلك، ولها تجارب متعددة في توثيق المواقع والمعرفات الإلكترونية للأسر المنتجة والأفراد الذين يتولون متاجر خاصة من خلال الإنترنت، فقدرة الوزارة على تكرار التجربة للخطابين والخطابات أمر مؤكد.
بل يمكن للوزارة أن تفرض رسوماً يسيرة للاشتراك في هذه الخدمة يقوم بدفعها الموفّق لضمان جديته، وضمان استدامة المشروع حتى لو قررت الوزارة- لاحقاً- التخلي عن دعمه مالياً.
أرجو أن يجد هذا الاقتراح أذناً صاغية في وزارتنا الموقّرة، وأن نسعد قريباً بإطلاق بوابة (توثيق الموفقين) والإلزام بها، وأن نرى ثمار ذلك على أرض الواقع خيراً وبركة.
وتقبلوا تحياتي ،،،
محمد بن سعد العوشن
bin_oshan
28 / 11 / 2022م