فكرة إطلاق 5000 جمعية للمساجد
ويتلخص المقترح في أن يتم إطلاق نوع جديد من المنظمات غير الربحية، والتي يمكن أن توصف بأنها (المنظمات المتناهية الصغر)، وهي وتتمثل في ( جمعيات المساجد).
حيث تتكون الجمعية دوماً من مجلس إدارة ثنائي ( الإمام، والمؤذن)، ويتم تعديل المجلس في حال تغير الإمام بالإمام البديل، وكذا الأمر بالنسبة للمؤذن، وتكون إجراءات التعديل سلسة ويسيرة، ويتم اعتماد المجلس دون الحاجة لأي موافقات مسبقة، بحكم أن وزارة الشؤون الإسلامية تقوم بمهمة الفحص للأئمة والمؤذنين قبل تعيينهم.
ويكون للجمعية حساب بنكي واحد، يتم الصرف منه باعتماد الشخصين معاً، وتتولى (جمعية المسجد) كافة شؤون المسجد واحتياجاته التي لا تدخل ضمن الخدمات المغطاة من الوزارة، كأعمال الصيانة والنظافة والتحسين والتشجير والترميم، وأي تعديلات تتطلب مخصصات مالية، بالإضافة إلى حلقات التحفيظ بالمسجد، وتفطير الصائمين، ودورية المسجد الاجتماعية، وما شابه ذلك.
وتلتزم كل جمعية بإدراج بياناتها في موقع مخصص تابع للمركز الوطني باسم (جمعيات المساجد)، كما يمكن دراسة الحد الأعلى للمبالغ التي يمكن إيداعها في حساب الجمعية، وضبط ذلك برقم محدد لضمان بقاء الجمعية ضمن المنظمات المتناهية الصغر.
وتقوم الجمعية بتقديم تقرير دوري ( سنوي أو نصف سنوي) عن الإيرادات والمصروفات، ويمكن إلزامهم بالعمل على برنامج محاسبي سحابي موحد ومبسط يكفل حصول الجهات المعنية على بيانات كافية وموثقة لما يتم تنفيذه للاستغناء عن أي تعقيدات أو تأخير في الوفاء بالالتزامات.
إن من المهم ان نخرج من الإطارات الحالية ( جمعية خيرية - مؤسسة خيرية) بكل تفاصيلها المعمول بها حالياً وأن نخرج إلى آفاق أوسع، وأساليب أخرى تتسم بالرشاقة وقلة التعقيد، وسهولة الإجراءات مع الضبط والإشراف والحوكمة.
إن تفاصيل (الجمعية العمومية، ومجلس الإدارة، واللجان المتفرعة منه، والفريق الإداري) مناسبة لنمط واسع من الأعمال الخيرية، لكنها ليست - بالضرورة - مناسبة لكل أنواع العمل الخيري.
ولذا رأينا وزارة التجارة - مثلاً - تتيح خيارات عديدة لمن يريد إنشاء شركة ، من شركة مساهمة مفتوحة، إلى مغلقة إلى شركة مساهمة للشخص الواحد إلى شركة مساهمة بسيطة، إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، إلى شركة غير ربحية، بحيث يختار العميل الشكل الأكثر توافقاً مع احتياجاته، بل أطلقت الوزارة خدمة (موثوق) لللتعامل مع التجارة الإلكترونية حتى ولو لم تكن ضمن إطار مؤسسة أو شركة.
وما أحوج الوزارة والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي إلى ابتكار الأساليب الميسرة للعمل، المعينة على انتشاره، وعلى انضوائه ضمن القطاع بشكل واضح ورسمي.
وفي ظني أن مشروعاً كهذا - مع الحرص على تيسير العمل فيه بشكل كبير مراعاة لطبيعة هذه المنظمات والقائمين عليها - سوف يحقق قفزة كبيرة في عدد الجمعيات، وينظم العمل في المساجد بشكل فعّال، ويرفع من مستويات التطوع ويجوّدها، ويفعّل جماعة المسجد بشكل نظامي في العناية بمساجدهم.ومن أجل ضمان التطبيق الأمثل للفكرة، واختبارها على أرض الواقع، يمكن أن يكون العمل -في السنة الأولى- مع الجوامع فقط، ثم يفتح الباب للمساجد بعد ذلك، كما يمكن تجربة الفكرة في منطقة أو مدينة واحدة، قبل نقلها لبقية مناطق ومدن المملكة.
وإذا علمنا أن عدد المساجد في المملكة يتجاوز 94.000 مسجد وجامع، فإن مجرد تسجيل 5% منهم في هذا النوع من الجمعيات، يعني أن يكون لدينا 4.700 جمعية إضافية، مع أنني واثق بأن العدد سيكون أضعاف ذلك بكثير.
كما أنني على قناعة بأن ما كتبته هاهنا لا يعدو أن يكون (فكرة أولية) تحتاج إلى المزيد من الإنضاج الذي يكفل سدّ أي ثغرات تبدو في تصور الفكرة، وأسلوب تنفيذها، جعلنا الله وإياكم مفاتيح لكل خير، وأخلص لنا النوايا، وسددنا، وجعلنا مباركين على وطننا العظيم وأهله .