إذا سافرت فلا تقلق
بل أكاد أجزم أنك لو ذهبت للمطار أو للقطار أو لمحطة الحافلات في أي وقت لوجدت رحلة متاحة في اليوم نفسه إلى الكثير من الوجهات، فموضوع الانتقال للوجهة المقصودة – والحالة هذه – لم يعد يوجب القلق.
وأما السكن فهو الآخر بات أمر ميسراً للغاية، وأخذت المواقع المعنية بالحجز للفنادق والشقق والفلل والمنتجعات تتكاثر وتتميز، فمن بوكينج إلى أجودا إلى مواقع أخرى كثيرة، ولم يعد الأمر يتطلب منك دخولاً لكل مبنى أو فندق أو مجمع للشقق للسؤال عن التوافر من عدمه، ولا عن المواصفات أو عن السعر، بل ولا عن مكان ذلك المسكن وقربه أو بعده من بعض المعالم أو الخدمات، بل أصبحت مهمتك أن تتصفح مواقع الحجز وتشاهد بكل يسر جميع المعلومات وتنظر في مختلف الخيارات وتحدد متطلباتك وفلاترك الخاصة، لتجد بغيتك مزوداً بالصور الوافية، وتقييمات العملاء السابقين لهذا السكن المختار، فموضوع السكن – والحالة هذه – لم يعد يوجب القلق.
وفي طرائق الوصول، وخرائط الدول والمدن، وطرقاتها الرئيسة والفرعية، ومعالمها المختلفة، هي الأخرى لم تعد بحاجة كذلك لسؤال من سبق له زيارة هذا البلد أو ذاك، ولم تعد بحاجة للتوقف عند كل عابر للاستيضاح منه، فقد أصبحت خرائط جوجل تغطي الاحتياج وزيادة، وتدلك بالصورة وبالصوت إلى الوجهة التي تريد، بما يفوق متطلبات العميل.
وأما المحلات التجارية، والمطاعم وغيرها فقد باتت هي الأخرى قريبة المنال واضحة جداً، والوصول إليها أصبح يسيراً للغاية، وصارت التطبيقات تدلك على أقرب محل لموضعك الحالي، وتدلك عليه، وتزودك بتقييمات الناس له، وصور له كذلك، وأوقات العمل بداية ونهاية، بل وتتيح لك تطبيقات أخرى إمكانية توصيل تلك المشتريات إلى باب غرفتك.
كما أنك لم تعد بحاجة لحمل النقود معك بعملة البلد المستهدف، وأصبحت “الشيكات السياحية” شيئاً من الماضي، فمكائن الصرف الآلي ونقاط البيع وبطاقات الائتمان تؤدي المهمة بكل اقتدار، ويمكن لك أن تسافر شهراً كاملاً في عدد من الأمصار، وليس في جيبك ريال واحد.
ولم تعد بحاجة إلى البحث عن سيارة تقلك، أو سائق يقود بك السيارة، فقد وفرت التطبيقات والمواقع الإلكترونية كأوبر وكريم إمكانية عالية للنقل من موضع إلى آخر، وبأسعار مناسبة، كما أن مواقع كثيرة تتيح لك استئجار السيارة التي تريد لتقوم بقيادتها في البلد الذي تسافر إليه.
ومع كل ما سبق يبرز تساؤل حقيقي : لم لا يزال البعض مصطحباً صورة السفر السابق، بكل عنائه وصعوباته، فتراه قلقاً مرتبكاً لمجرد أنه سيسافر؟
ولماذا هذا القلق وقد زالت أسبابه؟
ليس لدي إجابة حقاً سوى أن البعض ألِف العيش بمشاعر السابقين، وأصبح يحاكيهم ويحذو حذوهم، رغم أنه قد كان لديهم ما يقلقهم، ولم يعد ذلك موجوداً لدى المعاصرين.
ومن هنا .. أدعوك للاستمتاع بالرحلة، وأخذ الأمور بيسر، وبساطة، وترك القلق، وعدم الاهتمام بصغائر الأمور.
دام توفيقك،،،
محمد بن سعد العوشن
إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري
@bin_oshan
8:34 م