رجاء .. لا تصوّر حياتك!
حيثما حللت، وأينما جلست، وجدت الناس يمسكون بجوالاتهم الخاصة، يصورون!
يصورون كل شيء، ويقوم الفئام منهم بتصوير المشهد ذاته، فسفرة الطعام التي يتم وضعها في المنزل أو المطعم يقوم أكثر أفراد العائلة بالتقاط صورها في جوالاتهم أو في حساباتهم في شبكات التواصل، ويرون منظرًا طبيعيًا، فيفعلون الشيء ذاته، ويصورون أنفسهم في السيارة والطائرة وفي الوليمة، ويصورون المعالم، والحدائق، والزهور، والسماء، والقهوة، والتمر، والشاي، والفطائر، والصحون المملؤة والفارغة، ويصورون فرادى وجماعات.
وتكاد تجزم بأن مجموع ما تصوره العائلة الواحدة من الصور في سنة واحدة يجاوز عشرين ألف صورة!
بغض النظر عن هذا الرقم وضخامته، غير أن من المؤكد أننا نصور بشكل مهول ومبالغ فيه ومن غير حاجة إطلاقًا.
وثمّة أسئلة مهمة قد تدفعنا للتوقف عن 80% من الصور التي نقوم بالتقاطها. وهي: (لماذا نصور؟ ولمن نصوّر؟ ومتى سنعود لهذه الصور؟، وكيف سنؤرشفها؟).
أرأيت حين نصوّر (الورود والأزهار) في الشارع أو الحديقة أو المكتب، فإن الصور التي تلتقطها – غالباً - تكون غير احترافية، فإننا لن نصل لمستوى مئات الآلاف من الصور الاحترافية المتاحة اليوم على شبكة الإنترنت لكل أنواع الزهور وألوانها وعددها وطريقة ترتيبها. إذا فنحن نصوّر المشاهد الطبيعية مع أن ثمة صوراً كثيرة جداً هي أفضل من صورنا.
ثم لمن نصورها؟
ما الذي تجنيه العائلة أو الفرد من إرسال صورة الموادي، أو النهر أو الجبل إلى أقاربهم وزملائهم هل يريد إثبات أنه مصور محترف! أم يريد أن يقول أننا ذهبنا إلى هذا المكان الجميل دونكم أو ماذا؟
ثم إنّ هذه الصور يتم حفظها آلياً ويكون اسم الصور أرقاماً وتواريخاً وليست أسماء واضحة، وتجد أن هاتفك المحمول بات مملوءاً بالصور والمقاطع الكثيرة، فتقوم بعد مدة بحذف جملة كبيرة منها، أو نقلها لحاسوبك أو حسابك السحابي، وتستمر عملية النقل هذه مرة بعد أخرى، وربما أصبح لديك عشرات النسخ المكررة والاحتياطية من الصورة الكئيبة ذاتها.
إنني أشعر بأننا قد أصبنا بـ (إدمان التوثيق) دون داع، وصار هوس التصوير مما عمّت به البلوى.
إنني أتفهم أن يكون لبعض الصور الاجتماعية أهمية نسبية، وتبرير منطقي، لكونها صوراً خاصة غير متاحة على الشبكة، ولأنها تروي مرحلة عمرية محددة، تتغير بعدها الملامح، ويكبر الصغير، ويموت البعض، مما يجعل الاحتفاظ بها مبرراً، شريطة عدم التكرار المزعج للصورة ذاتها، فلا داعي لعشرات المصورين ولا لعشرات الصور للمشهد الواحد فتكفي صورة واحدة يتم التأكد من وضوحها فقط، ولا تحتاج في الرحلة ذاتها إلى سلسلة من الصور (صورتنا في المكان أو صورة المكان الذي كنّا فيه...) فالأماكن لها صور كثيرة في محركات البحث، فالعبرة بصورتكم في المكان، والتي تكفي فيها واحدة أو اثنتان.
وقد يستثنى من ذلك الصور التي يتم إرسالها لباقي أفراد العائلة الذين لم يشاركوا في المناسبة أو الرحلة بغية تطمينهم على مسيرة العائلة ومستجداتها وإشراكهم في الرحلة حين حبسهم العذر، لكنها تبقى صورًا مؤقتة قد لا يناسب الاحتفاظ بها جميعًا.
إننا نفوّت على أنفسنا فرص الاستمتاع بالأشياء كماهي، وننشغل بإظهار الاستمتاع بها من خلال الصور التي نرسلها هنا وهناك وننشرها في السناب والواتساب والانستغرام! وربما تحقق للبعيد من الاستمتاع مالم يتحقق للمشارك الفعلي، لأنه كان خارج المشهد في الواقع منشغلاً بإعدادات التصوير وزوايا الالتقاط، ونشر الصور للآخرين.
وقد رأيت ذات مرة مشهداً لأحد الرياضات، حيث كان كل الواقفين على المسار للفرجة يحملون في أيديهم جوالاتهم أو كاميراتهم الرقمية لتوثيق الحدث، بينما كانت تلك العجوز الطاعنة في السنّ تنظر للمشاركين في هذه الرياضة بكل استمتاع، دون أن تشغل يديها أو عينيها بشيء سوى الفرجة.
تفكّر ملياً في مسيرتك مع التصوير، وتساءل بجدّ، ما مصير تلك الصور؟
يصورون كل شيء، ويقوم الفئام منهم بتصوير المشهد ذاته، فسفرة الطعام التي يتم وضعها في المنزل أو المطعم يقوم أكثر أفراد العائلة بالتقاط صورها في جوالاتهم أو في حساباتهم في شبكات التواصل، ويرون منظرًا طبيعيًا، فيفعلون الشيء ذاته، ويصورون أنفسهم في السيارة والطائرة وفي الوليمة، ويصورون المعالم، والحدائق، والزهور، والسماء، والقهوة، والتمر، والشاي، والفطائر، والصحون المملؤة والفارغة، ويصورون فرادى وجماعات.
وتكاد تجزم بأن مجموع ما تصوره العائلة الواحدة من الصور في سنة واحدة يجاوز عشرين ألف صورة!
بغض النظر عن هذا الرقم وضخامته، غير أن من المؤكد أننا نصور بشكل مهول ومبالغ فيه ومن غير حاجة إطلاقًا.
وثمّة أسئلة مهمة قد تدفعنا للتوقف عن 80% من الصور التي نقوم بالتقاطها. وهي: (لماذا نصور؟ ولمن نصوّر؟ ومتى سنعود لهذه الصور؟، وكيف سنؤرشفها؟).
أرأيت حين نصوّر (الورود والأزهار) في الشارع أو الحديقة أو المكتب، فإن الصور التي تلتقطها – غالباً - تكون غير احترافية، فإننا لن نصل لمستوى مئات الآلاف من الصور الاحترافية المتاحة اليوم على شبكة الإنترنت لكل أنواع الزهور وألوانها وعددها وطريقة ترتيبها. إذا فنحن نصوّر المشاهد الطبيعية مع أن ثمة صوراً كثيرة جداً هي أفضل من صورنا.
ثم لمن نصورها؟
ما الذي تجنيه العائلة أو الفرد من إرسال صورة الموادي، أو النهر أو الجبل إلى أقاربهم وزملائهم هل يريد إثبات أنه مصور محترف! أم يريد أن يقول أننا ذهبنا إلى هذا المكان الجميل دونكم أو ماذا؟
ثم إنّ هذه الصور يتم حفظها آلياً ويكون اسم الصور أرقاماً وتواريخاً وليست أسماء واضحة، وتجد أن هاتفك المحمول بات مملوءاً بالصور والمقاطع الكثيرة، فتقوم بعد مدة بحذف جملة كبيرة منها، أو نقلها لحاسوبك أو حسابك السحابي، وتستمر عملية النقل هذه مرة بعد أخرى، وربما أصبح لديك عشرات النسخ المكررة والاحتياطية من الصورة الكئيبة ذاتها.
إنني أشعر بأننا قد أصبنا بـ (إدمان التوثيق) دون داع، وصار هوس التصوير مما عمّت به البلوى.
إنني أتفهم أن يكون لبعض الصور الاجتماعية أهمية نسبية، وتبرير منطقي، لكونها صوراً خاصة غير متاحة على الشبكة، ولأنها تروي مرحلة عمرية محددة، تتغير بعدها الملامح، ويكبر الصغير، ويموت البعض، مما يجعل الاحتفاظ بها مبرراً، شريطة عدم التكرار المزعج للصورة ذاتها، فلا داعي لعشرات المصورين ولا لعشرات الصور للمشهد الواحد فتكفي صورة واحدة يتم التأكد من وضوحها فقط، ولا تحتاج في الرحلة ذاتها إلى سلسلة من الصور (صورتنا في المكان أو صورة المكان الذي كنّا فيه...) فالأماكن لها صور كثيرة في محركات البحث، فالعبرة بصورتكم في المكان، والتي تكفي فيها واحدة أو اثنتان.
وقد يستثنى من ذلك الصور التي يتم إرسالها لباقي أفراد العائلة الذين لم يشاركوا في المناسبة أو الرحلة بغية تطمينهم على مسيرة العائلة ومستجداتها وإشراكهم في الرحلة حين حبسهم العذر، لكنها تبقى صورًا مؤقتة قد لا يناسب الاحتفاظ بها جميعًا.
إننا نفوّت على أنفسنا فرص الاستمتاع بالأشياء كماهي، وننشغل بإظهار الاستمتاع بها من خلال الصور التي نرسلها هنا وهناك وننشرها في السناب والواتساب والانستغرام! وربما تحقق للبعيد من الاستمتاع مالم يتحقق للمشارك الفعلي، لأنه كان خارج المشهد في الواقع منشغلاً بإعدادات التصوير وزوايا الالتقاط، ونشر الصور للآخرين.
وقد رأيت ذات مرة مشهداً لأحد الرياضات، حيث كان كل الواقفين على المسار للفرجة يحملون في أيديهم جوالاتهم أو كاميراتهم الرقمية لتوثيق الحدث، بينما كانت تلك العجوز الطاعنة في السنّ تنظر للمشاركين في هذه الرياضة بكل استمتاع، دون أن تشغل يديها أو عينيها بشيء سوى الفرجة.
تفكّر ملياً في مسيرتك مع التصوير، وتساءل بجدّ، ما مصير تلك الصور؟
دمتم بخير
1:15 م