يا كتاّب المستقبل .. اقرأوا كثيراً
تعتبر القراءة المكثفة، أحد الجوانب المهمة لمريد الكتابة، فمن شأن تلك القراءة أن تزود المرء بالكثير من المعارف والمعلومات والخبرات المتعددة والمتنوعة، والتي تجعله حين يكتب عن أحد الموضوعات التي قرأ فيها كثيراً ، فهو يكتب وقد تشبّع بالموضوع عقله، وأدرك بوعيه الكثير من أبعاده وخفاياه، فيكتب – حين يكتب – بثقة ويقين، وينهل من مورد عذب زلال وافر، لذا فهو يكتب بجودة وإتقان وتميّز في الوقت ذاته.
ولذا يقول العقّاد : "القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقًا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب" ، فالعمق مطلوب للكاتب المميز، والذي لاتعدّ مقالاته مجرد "أحاديث مجالس" تم تحريرها، بل معلومات وخبرات ومواقف تستحق القراءة فعلاً.
لهذا كان من دأب الكثير من الكتاب المشاهير أن يقرأوا كثيراً كثيراً قبل أن يكتبوا سطراً واحداً عن الموضوع الذي يريدون الخوض فيه، ذلك أنهم قد يكتشفون – وهم في مهمة القراءة المكثفة – أن ثم كتابات ناضجة سبقتهم، وغطّت ماكانوا يريدون قوله وزيادة، وربما كشفت لهم القراءة عن ثغرة مهمة تجاهلها كتّاب آخرون، أو يجدون أمراً لا يصلح السكوت عنه، وخللاً يجب بيانه، فتكون كتابتهم – والحالة هذه- قيمة مضافة يحتاجها القارئ، ويبحث عنها.
وتساهم القراءة المكثفة في زيادة الرصيد اللغوي للكاتب، فيتعلم منها الكثير من المفردات والأدبيات المقبولة والمفهمومة في هذا المجال، ويستكشف المواضع التي تكون فيها الكلمة أكثر تأثيراً، بل ويلاحظ المفردات و الجمل والسياقات الأضعف، والأكثر استهلاكاً.
وتعطي القراءة المكثفة الكاتب خبرة واسعة في مجال تنوع الأساليب الكتابية، سواء كانت في الصياغة أوالتبويب، أو في مجال طريقة التدفق للمحتوى، وآليات الإقناع ونحوها، كما يلاحظ - وهو يقرأ- حجم الفروقات الفردية غير المتناهية في طريقة إيصال المعلومات ومناقشتها بين الكتّاب المختلفين، ويتعلم من ذلك كله كيف يخط له مساراً رائداً متميزاً في الكتابة.
وتجعل القراءة المكثفة الكاتب مدركاً للموضوع من جوانبه المختلفة، فمن اليسير عليه استحضار نقاطه الرئيسة وخطوطه العريضة في نص موجز، أو مفصّل، مما يجعله قادراً على كتابة مقالة قصيرة تتحدث عن أبرز ما يمكن أن يقال عن الموضوع المقصود، فتكون كتابته حينها وافية وشافية وموجزة حين يحتاج الأمر إيجازاً.
بل إن أحد أساليب الاعتياد على الكتابة، وإزالة عسرها، وتجاوز مرحلة الخمول واضع فيها أن يقرأ المرء كتاباً في أحد الفنون، ثم يستعرض أبرز أفكار الكتاب وتقييمه الشخصي لها، ومرئياته عن الكتاب والكاتب، ويجعل ذلك كله في مقالة غير طويلة، فإن هذا النوع "اليسير" من الكتابة يجعل القلم يجري على الورق بسهولة ويسر، مما يضمن انطلاق عجلة الكتابة، وإعادة الحياة إلى اليد والعقل في مجال الكتابة شيئاً فشيئاً، وحين تنطلق العجلة بكفاءة وسرعة، فيمكن لها – حينها- أن تكتب عن موضوعات أخرى مختلفة، ويستعيد الكاتب لياقته من جراء ذلك.
إن القراءة المكثفة أداة موثوقة فعلاً لتكوين المخزون المعرفي الذي ينطلق بعد ذلك ويحلق في سماء الإبداع النصي من خلال الكتابة، لذا نقل عن علي الوردي – الكاتب العراقي الشهير- قوله: "ويل للقراء من أولئك الكتاب الذين لا يقرأون"، وصدق في مقولته.
وختاماً فإنني مهما تحدثت عن أهمية القراءة ومسيس الحاجة إليها، فإنني لن أوفيها حقها من الثناء، ولا بد من الاعتراف هنا بأنك ( لن تكون كاتباً جيداً مالم تكن قارئاً جيداً).
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري
@bin_oshan
تم النشر في صحيفة تواصل هنـــا
ولذا يقول العقّاد : "القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقًا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب" ، فالعمق مطلوب للكاتب المميز، والذي لاتعدّ مقالاته مجرد "أحاديث مجالس" تم تحريرها، بل معلومات وخبرات ومواقف تستحق القراءة فعلاً.
لهذا كان من دأب الكثير من الكتاب المشاهير أن يقرأوا كثيراً كثيراً قبل أن يكتبوا سطراً واحداً عن الموضوع الذي يريدون الخوض فيه، ذلك أنهم قد يكتشفون – وهم في مهمة القراءة المكثفة – أن ثم كتابات ناضجة سبقتهم، وغطّت ماكانوا يريدون قوله وزيادة، وربما كشفت لهم القراءة عن ثغرة مهمة تجاهلها كتّاب آخرون، أو يجدون أمراً لا يصلح السكوت عنه، وخللاً يجب بيانه، فتكون كتابتهم – والحالة هذه- قيمة مضافة يحتاجها القارئ، ويبحث عنها.
وتساهم القراءة المكثفة في زيادة الرصيد اللغوي للكاتب، فيتعلم منها الكثير من المفردات والأدبيات المقبولة والمفهمومة في هذا المجال، ويستكشف المواضع التي تكون فيها الكلمة أكثر تأثيراً، بل ويلاحظ المفردات و الجمل والسياقات الأضعف، والأكثر استهلاكاً.
وتعطي القراءة المكثفة الكاتب خبرة واسعة في مجال تنوع الأساليب الكتابية، سواء كانت في الصياغة أوالتبويب، أو في مجال طريقة التدفق للمحتوى، وآليات الإقناع ونحوها، كما يلاحظ - وهو يقرأ- حجم الفروقات الفردية غير المتناهية في طريقة إيصال المعلومات ومناقشتها بين الكتّاب المختلفين، ويتعلم من ذلك كله كيف يخط له مساراً رائداً متميزاً في الكتابة.
وتجعل القراءة المكثفة الكاتب مدركاً للموضوع من جوانبه المختلفة، فمن اليسير عليه استحضار نقاطه الرئيسة وخطوطه العريضة في نص موجز، أو مفصّل، مما يجعله قادراً على كتابة مقالة قصيرة تتحدث عن أبرز ما يمكن أن يقال عن الموضوع المقصود، فتكون كتابته حينها وافية وشافية وموجزة حين يحتاج الأمر إيجازاً.
بل إن أحد أساليب الاعتياد على الكتابة، وإزالة عسرها، وتجاوز مرحلة الخمول واضع فيها أن يقرأ المرء كتاباً في أحد الفنون، ثم يستعرض أبرز أفكار الكتاب وتقييمه الشخصي لها، ومرئياته عن الكتاب والكاتب، ويجعل ذلك كله في مقالة غير طويلة، فإن هذا النوع "اليسير" من الكتابة يجعل القلم يجري على الورق بسهولة ويسر، مما يضمن انطلاق عجلة الكتابة، وإعادة الحياة إلى اليد والعقل في مجال الكتابة شيئاً فشيئاً، وحين تنطلق العجلة بكفاءة وسرعة، فيمكن لها – حينها- أن تكتب عن موضوعات أخرى مختلفة، ويستعيد الكاتب لياقته من جراء ذلك.
إن القراءة المكثفة أداة موثوقة فعلاً لتكوين المخزون المعرفي الذي ينطلق بعد ذلك ويحلق في سماء الإبداع النصي من خلال الكتابة، لذا نقل عن علي الوردي – الكاتب العراقي الشهير- قوله: "ويل للقراء من أولئك الكتاب الذين لا يقرأون"، وصدق في مقولته.
وختاماً فإنني مهما تحدثت عن أهمية القراءة ومسيس الحاجة إليها، فإنني لن أوفيها حقها من الثناء، ولا بد من الاعتراف هنا بأنك ( لن تكون كاتباً جيداً مالم تكن قارئاً جيداً).
دمتم بخير ،،،
محمد بن سعد العوشن
إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري
@bin_oshan
تم النشر في صحيفة تواصل هنـــا
7:51 ص