3:00 م

أسفار | الرحلة الفردية لتونس البهية


 اتخذت قراري بالسفر للاسترخاء والسياحة للجمهورية التونسية بعد جولة على مواقع السفر و منتديات المسافرين
ومنذ تلك اللحظة بدأت تصفح موقع بوكينج ثم مواقع الحجز للطيران .. ثم حجزت وقطعت التذكرة وحجزت السكن والسيارة ، وانا خلال ذلك كله أحس بأنه تجتاحني مشاعر من الرهبة والقشعريرة!
وكنت أتجاهل تلك المشاعر ولا أظهرها.
حتى حزمت أمتعتي مساء الخميس.. ولم أنم جيدا فقد كان القلق سيد الموقف..
وزادت تلك الرهبة مع رؤيتي لتونس من الطائرة، وذلك لإقبالي على مغامرة مختلفة كليا..
بلد لم ازره قط ولم أجلس مع من زاره،
بلد كان يعيش في مرحلة من القمع والبوليسية ضد كل ماهو إسلامي،ويمارس ليبرالية استئصالية متطرفة..
بلد لا زال في مخاض ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق ولازالت أوضاعه لم تستقر والدولة العميقة باقية رغم مايزيد على 4 سنوات من الثورة.
ثم إني تجرأت ولم أحجز بالعاصمة، بل حجزت سكنا بمدينة أخرى تبعد عن العاصمة أكثر من ساعة بالسيارة،
و حجزت سيارة لأقودها من المطار لتلك المدينة.
 وانا لا ادري عن الإجراءات في التأجير والقيادة ولا عن سعر الوقود ولا اعرف المكان و لا الطرق الا من خريطة جوجل ووصف موقع بوكينج للمكان.
وهاهنا يكمن لون من الوان البهجة.
متعة الاكتشاف .. متعة المغامرة.. متعة الخروج عن ما اعتاده الناس.
كانت لحظات من السعادة المشوبة بالرهبة .. تذكرني برهبة الخطبة، ورهبة الرؤية الشرعية، ورهبة ليلة الدخلة.. حيث تختلط مشاعر الرغبة والرهبة بشكل كبير.
لكن بصراحة .. لا قيمة للحياة الرتيبة المكررة..
فالحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء.

اقلعت من الرياض على الخطوط القطرية الساعة 4 فجرا
هبطنا بعدها بساعة في الدوحة ومكثنا في الدوحة ثلاث ساعات ونصف .. قضّيتها في التجوال بالمطار ابتداء..ثم في مطعم  تناولت فيه كروسانا وابريقا من الشاي المغربي استعدادا لزيارة احد بلدان ذلك المغرب.
اقلعنا في 9.00 صباحا متجهين لتونس.
و وصلناها في الثالثة عصرا بتوقيت السعودية.  الواحدة ظهرا بتوقيت تونس.
ذلك أن الوقت هناك اقل بساعتين عن السعودية.

هبطت الطائرة بسلام في مطار متوسط الحجم فيما بدا لي، وعند الجوازات تلكأ العسكري المختص، وتساءل عن سر قدومي!
وحين أجبته بأنني سائح، انتظر قليلا ثم اخذ جواز سفري إلى مديره. ثم ناداني المدير ليسالني عن عملي وعن هدف الزيارة ومكان السكن ، فاخبرته بأنني مشرف تربوي سابق و أن هدفي من المجيء السياحة وأريته  "حجز السكن" بمدينة "الحمامات".
فتش الجواز صفحة صفحة وأطال تقليبه..
ثم اعاده إليّ.
رجعت انا والعسكري للكاونتر مرة أخرى، ثم ختم الجواز معتذرا عن التأخير بسبب اشتباه في شخص آخر!
اوضحت له ان من حقهم اتخاذ الاجراءات المناسبة دون حرج فالأمن مسؤولية الجميع، وبدون الأمن ماكنت لآتي لهذا البلد.

تجاوزت الجوازات للتفتيش ثم للعفش.
ثم خرجت ابحث عن شركة التأجير التي سبق لي حجز السيارة عن طريقهم،اقرأ اسماء شركات التأجير .. ولم أجد لهم أثرا، فسألت أحد الشركان فاخبرني الموظف بان هذه الشركة ليس لها مكتب بالمطار وان مكاتبهم داخل العاصمة !!
رجعت لسجل الحجز لاتثبّت فاذا مكان تسليم السيارة مطار قرطاج الدولي وهو المطار الذي نزلت فيه. فأخبرت الأخ بذلك فطلب مني تفقد المندوب ضمن الواقغين أمام بوابة القدوم..

عدت أدراجي إلى حيث بوابة وصول المسافرين.. متلفتا في اللوحات المحمولة.... فاذا اسمي مع احدهم فقصدته وعرفته بنفسي ، رحب بي وخرجنا سويا لمواقف المطار لاجد السيارة بانتظاري باجراءت سهلة ولطف وصدق.
قمت باكمال دفع باقي قيمة الإيجار باليورو، وتم تصوير وثائقي بالجوال ثم خرجت بالسيارة وحدي.
كان مندوب الشركة وصاحبه في سيارة أخرى.. فسالته عن الطريق الأقرب للحمامات فأشار ان اتبعني.. فتبعته حتى إذا وصلنا الى احد مفترقات الطرق توقف مشيرا الى الوجهة المقصودة.

مضيت في الطريق ذاته متتبعا اللوحات التي لا تكاد تختفي ففي تونس لا يمكن أن تتعثر في الوصول لمدينة من المدن إذ اللوحات الإرشادية في كل مكان باللغة العربية.
وبعد ما يقارب الساعة وصلت للمدينة المقصودة،وبقي الوصول للفندق..فكنت اتوقف واسأل ولم تكن الإجابات دقيقة،لذا تهت قليلا قبل أن أصل أخيرا.



حين وصلت الوجهة المقصودة في مدينة الحمامات ..
دخلت الفندق وأريتهم الحجز في جوالي.
فاعطوني غرفة بسيطة وجميلة ..لكنها تطل على أرض خالية قفر! فطلبت تغييرها لاطلالة خضراء فقد شبعت من منظر الصحراء عامي كله، فكان لي ذلك،إذ تم نقلي إلى غرفة لطيفة تطل على حديقة أنيسة بجوار المطعم ..

نزلت الفندق الاول تلك الليلة ثم مددت البقاء ليومين آخرين، واخذت فيها حماما مغربيا او قل تونسيا، وساعة من المساج..
وفي اليوم الرابع غادرت الفندق متوجها لفندق آخر في مدينة الحمامات وجدت الثناء عليه بموقع البوكينج.

لبثت فيه يومين اثنين .ومن شاطئه ركبت الطيران بالبارشوت مسحوبا بالقارب في جولة مهيبة تحلق فيها عاليا بسهولة وتهبط بمثلها ..

 ولم يكدر صفو هذه المغامرة إلا خلل يسير في كرسي الجلوس مما جعلني طوال هذه المغامرة متعلقا بيدي وجسمي أشبه بالمتدلي مما أجهدني ولم أصل لليابسة إلا ويداي لا تكادان تقويان على المواصلة  .
مدخل قرية قربص

ودعت مدينة الحمامات بعد هذه الأيام الخمسة و يممت نحو "قربص" وهي على بعد ساعة الا ربع شمالا .. وصلتها وتوقعتها مدينة فإذا بها قرية صغيرة تتميز بوجود المياه المعدنية الحارة ويقصدها الناس للعلاج و الاسترخاء بهذه المياه، بالاغتسال والتدليك والمساج والطين والحاكوزي وحمام البخار.
 أمضيت فيها ساعتين فحسب، استمتعت بالماء الساخن الذي كان يؤدي دور المساح  من خلال ماء مضغوط يتم رشه على سائر  الجسم فتشعر بوخزاته اللذيذة،واعتبرته كغسيل "البستم" للسيارة.
وبعد الانتهاء، خلعت ملابس السباحة ولبست ملابسي وودعت قربص،متجها نحو العاصمة تونس.

وكنت أنوي التوجه في العاصمة لحي قديم كثيرا ما تحدث عنه السواح، وهو حي سيدي بوسعيد.
لم تكن الاحداثيات للحي المقصود "سيدي بوسعيد" واضحة لي،وكنت أسير بناء على الحدس. فضلا عن بعض الهواجيس.. والنشيد..
و وجدتني وأنا مستمر في طريقي قد خرجت من العاصمة ودخلت الطريق السريع المتجه لمدينة بنزرت الواقعة شمال تونس، فلم أشأ الرجوع بعد أن قطعت هذه المسافة، واستعنت بالله وقررت المواصلة لبنزرت وتغيير خط السير.

فـ (بنزرت) أحد الوجهات المقترحة والتي كنت أنوي زيارتها، وبعد أربعين كيلا من تلك "الضيعة" وصلت للمدينة، وتجولت بها بسيارتي ثم اقتربت من احد الفنادق وشبكت على شبكة الواي فاي الخاصة به ..ثم بحثت عن مسكن مناسب فوجدت فندق الاندلس، فحجزت فيه ليلة، وحين وصلت اكتشفت بأنه عبارة عن شقق وليست غرفا..
كانت شققا متباعدة، ذات مدخل مستقل عن الفندق، لكنني كنت قد حجزت، فدخلت الشقة وأمسيت بها تلك الليلة، وهممت بالبقاء يوما اخر حيث حدثني موظف الاستقبال عن غابات خضراء وشلالات بالجوار تدعى "راس جبل"، لكنني أجلت ذلك لحين الاستيثاق من هذه المعلومات على أرض الواقع،  وحيث لم اعثر على شيء يستحق البقاء في جولتي الصباحية فقد لملمت متاعي وخرجت منها قافلا نحو العاصمة مرة أخرى.

وصلت العاصمة، وتوجهت لسيدي بوسعيد حيث قرأت عن مقهى العالية ومقهى الشبعان، وحين وصلت إلى تلك المنطقة الشعبية كان مطلوبا مني إيقاف السيارة والوصول لتلك المقاهي وماجاورها سيرا على الأقدام.
دخلت القهوة العالية واخترت موضعا مطلا على الحي، وطلبت شايا باللوز لأنني قرأت إحداهن تثني عليه ثناء مبالغا فيه .. ولم يكن فيه زود!
كما ان الشاي عندهم كله بالسكر وباءت محاولاتي لطلب شاي دون سكر بالفشل.
لم يكن المكان مثيرا كما تحدث كتاب المنتديات، ووجدت اسم المقهى وصيته أكبر منه.
قهوة العالية بسيدي بوسعيد

والأمر نفسه بالنسبة لمقهى الشبعان.
تجولت في المنطقة الأثرية قليلا واسواق المنتجات الشعبية، ولم أجد شيئا مثيرا..
ثم ذهبت بسيارتي إلى شاطئ غير بعيد فجلست عليه ساعة مصطحبا معي كتابي مع أصوات الأمواج وهي تضرب الشاطئ ساعة حتى قبيل الغروب.

دخلت العاصمة من جديد،  وقمت بالطريقة ذاتها أبحث عن فندق.. ووجدت فندقا باسم فندق افريقيا وحين وجدت الغرف متاحة أجلت إجراء الحجز لحين الوصول للفندق للاطمئنان على جودة المكان..
وصلت الفندق ،وحين سألت موظف الاستقبال عن السعر تفاجأت بان سعر الليلة 400 درهم .. بينما كنت قد وجدتها في بوكينج قبل قليل ب180 درهم!
طلبت منه دخولا على الانترنت وحجزت عن طريق الموقع وفعلا تم السكن بالسعر الأقل.
تجولت في المنطقة المجاورة على أقدامي، قبل ان اتناول عشاء تونسي في مطعم مجاور، وهو يشابه المطبق في حشوته، ويشابه المصابيب في طريقة صنعه، مع اختلاف نسبي اذ تحتوي على حشوة من البيض والجبن واللحم المفروم والشطة وكأنها المطبق المعروف في بلادي .

وللحديث صلة إن راق لكم ماسبق



بقلم /  محمد بن سعد العوشن

0 التعليقات:

إرسال تعليق