لغة القالب

المؤقت الذي يستمر


حينما يتأمل المرء في تفاصيل حياته، وحيثياتها، يكتشف أمراً عجيباً .

وهو أننا- في الكثير من الأحيان - نتعامل مع أوضاعنا المختلفة، وأحوالنا وتفاصيل حياتنا، وندرك بشكل واضح أن هذا الأمر لا يصلح أن يبقى بهذه الصورة، وأن هناك خللاً يحتاج إلى إصلاح، أو أن أسلوبنا في معالجة أمر ما محتاج إلى التغيير، وأننا بحاجة إلى ترتيب ملفاتنا وأوراقنا ووثائقنا المكدسة دون تنظيم، وأننا بحاجة إلى جدولة ديوننا، أو مواعيد سداد الالتزامات التي علينا..

ندرك ذلك، ونعلم أن الأمر بحاجة للتغيير، لكننا نعزّي أنفسنا بأن الوضع الراهن لا يعدو أن يكون أمرأً مؤقتا، وأنه لا يمكن قبوله على الدوام، ولن يكون أسلوب حياة حيث لا يمكن الاستمرار عليه، وإنما هو وضع مؤقت وطارئ وسوف يتم تغييره وتبديله قريباً.

وتمر الأيام والليالي ونكتشف أن هذا الأمر الذي اعتبرناه مؤقتاً مضى عليه سنوات وهو على حاله لم يتغير، وأن ما كنا نتوقع أن يتغير سريعاً لم يتغير قط، وإنما الذي حصل أننا اعتدنا على الوضع المؤقت (غير المرضي)، وكنا في كل مرة نلوم أنفسنا أو يلومنا غيرنا، ثم نعيد الكرّة مرة أخرى، ونعوّل على ذلك الموعد القريب الذي سيتغير فيه الحال.

ولذا تبقى الكتب من غير ترتيب، وتبقى الملابس الفائضة مكدسة لحين القيام بفحصها، وتبقى المشروعات في مرحلة الإنضاج قبل النهائية إلى حين وجود الوقت الكافي لإتمامها، وتبقى الأفكار الأولية في مسوداتها، وتبقى (الوصية) بانتظار الوقت الأنسب لكتابة محتواها، وتبقى (النصيحة) المقرر إعطاؤها لأحدهم إلى أجل، وتستمر التسويفات، والأوضاع المؤقتة بانتظار الوقت الذي لم يأت بعد، وربما لن يأتي!

إننا بحاجة إلى مراجعات ذاتية مستمرة، ومتابعة لقرارات التغيير التي نقررها، فتعامل مع ذواتنا وكأنها (شركة) لا يمكن أن يتغير حالها إلا بخطة عمل، ومتابعة للإنجاز، وتقييم للأداء وإجراء للتحسينات المستمرة دائماً وأبداً.. 

ومن أفضل ما يمكن اعتماده وإلزام النفس به لتحقيق ذلك: 

1- وضع قائمة بتلك الأمور المؤقتة التي تعتزم على تغييرها، وكتابتها بشكل واضح جلي، مع تحديد نقطة الألم، وسبب التغيير، وما الذي سيتم تغييره بالضبط، ومؤشر الإنجاز الفعلي لذلك.

2- وضع تواريخ ( نهائية ) وقاطعة للتغيير، بحيث إذا اقترب الموعد ولم تقم بذلك فإنك تلتزم بأخذ إجازة من عملك أو دراستك لإنجاز المهمة في وقتها المحدد.

3- وضع تلك القائمة في مكان واضح لك، تراه عينك دوماً، مع وضع خط أو علامة على ما تم إنجازه وتاريخ الإنجاز، ليكون دافعاً لك نحو الإكمال والاستمرار.

4- تحديث القائمة بين فينة وأخرى بإضافة مهام جديدة حينما تبداً المهام السابقة في التقلص.

متمنياً لك إنجازاً ملموساً ، وتخففاً من تلك الأوضاع المؤقتة، وتطويراً مستمراً ورقياً لحياتكم.


 دمتم بخير



محمد بن سعد العوشن 

الرياض 

بدأتها في 26/05/1441هـ خاطرة قصيرة، 

ثم أكملتها تدوينة في 23/03/1446هـ


9:15 ص

عدد المواضيع