(الالتزام) طريق النجاح
جاءت النصوص الشرعية المتوافرة في الحث على الاستمرار والمواصلة للأعمال الصالحات، وعدم التكاسل والنكوص عنها، فالله تعالى يقول (الذين هم على صلاتهم دائمون)، ويقول سبحانه: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ)
كما يتحدث – سبحانه- واصفا ذلك الإصرار والمواصلة بـ الجهاد، واعداً أولئك الذين جاهدوا بالهداية (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)
وفي السنة النبوية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ "أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه"
وعنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ"
وفي حديث آخر لها، قالت: (وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا).
وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ).
ولأن الكسل يدفع للركون إلى الراحة وعدم الاستمرار على العمل، فقد كان ﷺ يردد في دعواته : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ"
ومن هنا فإن من أعظم عوامل النجاح في الدارين: "الالتزام"
"الالتزام" يعني الاستمرارية في الاداء رغم الظروف الخارجية، ورغم الحالة النفسية، ورغم العقبات والعوائق المتنوعة والمتكاثرة.
"الالتزام" يعني قرارا صارما غير متردد، قرار لا رجعة عنه، ذهاب بلا عودة، تقدم بلا تأخر.
"الالتزام" يعني إصرارك على مواصلة العمل حتى تحقيق الاهداف.
"الالتزام" يعني أن تسير حين يتوقف الناس، وتسرع حينما يتكاسلون، وتنظر للأمام فيما هم يتلفتون.
"الالتزام" يعني أن يثق الناس بكلامك و وعودك لأنك ممن إذا قال فعل، ولأنك إذا وعدت أوفيت.
وهذا "الالتزام" المنشود ليس يسيراً سهلاً، والا لفعله كل أحد، وقام به كل الناس.
كما أن "الالتزام" في الوقت ذاته ليس مستحيلا وإلا لما استطاعه أحد.
فاستعن بالله، ولا تعجز، وإذا وضعت هدفا ساميا، وقررت البدء به، فاحزم امرك، واقطع خطوط التراجع، ولا تلتفت، ولا تبحث عن المعاذير والصوارف، ولا تجعل المتنكبين عن الصراط قدوة أو مثالاً، وتيقّن أن النصر مع الصبر، وأن الوصول للقمم محتاج إلى الكثير من الالتزام والإصرار والثبات.
دمتم بخير
محمد بن سعد العوشن
3 / 3 / 1446