9:22 م

رسالة خاصة لمتابعي د.صلاح الراشد


إذا كنت ممن لايعرف د.صلاح الراشد، ولا تتابعنه... فهذه الرسالة ليست موجهة لك.

وإذا كنت من الذين ينابذون د.صلاح الراشد العداوة في كل مايقوله جملة وتفصيلاً (بوعي أو بغير وعي).. فهذه الرسالة ليست لك أيضاً!

وبطبيعة الحال هي ليست موجهة للدكتور صلاح الراشد نفسه!.

فهؤلاء جميعاً ليسوا مستهدفين بهذه الرسالة الخاصة.

لكنها (رسالة محبّ)  لـ كل الرفاق الذين يستمعون لبرامج د.صلاح الراشد المسموعة والمرئية، أو ينخرطون في مشاريعه المختلفة، ويعتبرونه "معلّماً وملهماً" لهم.

أكتبها وقد تابعت واستمعت وشاهدت وقرأت له بشكل مباشر، فشاهدت سلسلة من المواسم لحلقاته المرئية على اليوتيوب، وتابعته في تويتر، واشتركت في قناته على التيلجرام، ولا زلت!
تابعته منذ مدّة غير قصيرة، تابعته متعلماً باحثاً عن المعرفة، لا متصيداً وباحثاً عن العيوب والمثالب.
وكنت - دوماً - ألوم الذين ينالون من د.صلاح الراشد، لخلافهم معه في قانون الجذب، أو البرمجة اللغوية العصبية، والتي أرى أن القول بها مقبول وسائغ بشكل عام، وإن اختلفنا اختلافاً مشروعاً في بعض التفاصيل.

وكنت - ولازلت- أرى أن بعضاً ممن يعارضون مشروعات تطوير الذات، ومنهجيات التطوير المختلفة عموماً ، ومايطرحه الدكتور صلاح خصوصاً، أرى أنهم لم يفهموها بشكل جيد، لأنهم اتخذوا منها موقفاً مبدئياً معادياً، باعتبار كل فكرة تطوير تأتي من الغرب أو من الشرق غير مقبولة.

لكنني - ومع كل مادة إضافية اطّلع عليها للدكتور صلاح -  أتيقن أني أمام انحرافات غير يسيرة، وذلك في مسائل ليست محل خلاف و لا تقبل تعدداً لوجهات النظر، لأنها مسائل حسمها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً وأتى د.صلاح اليوم ليعيد نقاشها مرة أخرى وكأنه لم ينزل بها الوحي أول مرّة!.

ود.صلاح حين يطرح هذه الانحرافات (الكبيرة)، يطرحها بكل ثقة، وربما استقطع جزءاً من آية قرآنية، أو حديثاً نبوياً فاستشهد بها ليوهم التطابق، وربما فسّرالآية بما يريد وفقاً لوجهة نظره الخاصّة، متجاهلاً بقية النصوص القرآنية التي يكمل بعضها بعضاً، ويشرح بعضها بعضاً، ومتجاهلاً بتفسيره ذلك فهم المصطفى صلى الله عليه وسلم لها، وتطبيقه للآية ، والذي - حين تتأمله- تجده ينقض كلام د.صلاح من أساسه نقضاً بيناً .

أيها الأحبة المتابعون للراشد :

إنما أوصيكم بوصية واحدة، تحقق لكم الحماية – بإذن الله - من الانسياق وراء ضلالات كبرى وجدتها، ووجدت إصراراً من الدكتور صلاح عليها..
وأتيقن أن كثيراً منكم حين مرّت عليه - لأول مرّة - أصابته قشعريرة ورهبة، فلم تقبل بها نفوسكم التي هي على الفطرة، لكنكم خشيتم مخالفة التيار الموافق للراشد المعظم له، وأصابتكم الهيبة من الاعتراض عليه.

وهذه الوصية هي :  
ليكن "القرآن الكريم" الذي هو كلام ربّ العالمين الذي لم تطله يد التحريف والتزوير، ليكن مرجعكم الأصيل، وليكن ميزانكم لكل ماتسمعون وتقرأون من أقوال.
 فكل قول أو نظرية أو فلسفة أو موقف يعرضه عليكم د. صلاح الراشد أو غيره، فاعرضوه على كتاب الله، وسنة رسوله الثابتة الصحيحة؛ فإن لم يكن فيهما ما يتعارض معه، فأنتم في القبول بكلام الدكتور أو ردّه في سعة من أمركم، ذلك.

 وحين تطبقون هذه الوصية، فلا يمكنكم أن تقبلوا بالقول الذي يجعل القرآن الكريم على نفس الدرجة والمستوى مع كتب سماوية محرّفة، أو مع كتب ألفها البشر أياً كانت منطلقاتهم وأفكارهم.

إن كلام الله تعالى لا يعدله كلام، وكل المقارنات بينه وبين كلام العباد وتحريفاتهم هو انحراف كبير، وباب ضلال عظيم.

فارجعوا - أحبّتي - إلى كتاب الله، واقرأوا تفسيره من مصادر متعددة، ولا تقبلوا أن يكون د.صلاح مرجعكم الشرعي في الاستشهاد بالنص، أو تفسيره على الإطلاق، وحتى لو قرأ البخاري عشر مرات، فذلك لا يجعله محدثاً، ولو قرأ  فتاوى ابن تيمية مراراً فذلك لا يجعله فقيهاً ولا مفسراً، فالعلم الشرعي له أصوله ومنطلقاته ومنهجياته التي لا يعرفها الراشد، إن عرفها فإنه لا يأبه بها.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
من المهم ان نتواصى دوماً وأبداً بتقوى الله وتعظيمه في النفوس، واستشعار أنه تعالى خلقنا في بطون أمهاتنا، وأخرجنا إلى هذه الدنيا لا نعلم شيئاً، ثم علّمنا مالم نكن نعلم، وكان فضل الله علينا كبيراً كثيراً.

ولتعلموا أن التعامل مع (النص الربّاني المقدّس) بهذه الطريقة التي يشير لها الدكتور صلاح في الكثير من أحاديثه : انحراف فكري غير مقبول، واستهانة بالمعاني التي جاءت واضحة في كتاب الله.

ولكم أن تتأملوا إعجاب الراشد المتناهي و تعظيمه لمقولات زيلاند، وأشباهه، ثم تقارنوا ذلك بموقفه من الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة، لتدركوا أن القبول المطلق لكل ما يقوله الراشد، وتعظيم كلامه إنما هو تورّط في انحرافات كبيرة.

يجب أن يكون واضحاً أن كلام الله وكلام رسوله حق محض لا يشوبه الباطل.
أما كلام البشر ، فمحتمل للصواب والخطأ.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
خذوا من الراشد مفاهيمه بشأن التخطيط الشخصي، وتطوير الذات، في جوانبها الإدارية، فقد تميّز فيها وأبدع، وقد تعلمت ولا زلت أتعلم منه الكثير في هذا السياق.

وفي الوقت ذاته : احذروا من كل طرح فلسفي وعقدي يتحدث عنه، واحذرواً من كل حديث شرعي يقول به، فهو في حديثه وبشكل صريح لا يقبل التأويل : يتعامل مع (الإسلام ) كما يتعامل مع أي دين محرّف أو مذهب بشري أرضي، على قدم المساواة، وتراه يكرر عمداً ذكر الأديان، والمذاهب، وذكر الكتب باعتبارها خيارات متساوية، فلك أن تختار ما يحلو لك منها ، فكلها - على حدّ فهمه - سبل تقربك للربّ، هذا إذا اعتقدت بوجود الربّ أصلاً!

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
إن ما يظهره الراشد اليوم من ضلالات ليس بقليل، وهو يخلط ضلالاته الكبرى بمعلومات علمية صحيحة، وبحديث تحفيزي جميل، فيختلط الحابل بالنابل.
لذا فحين تستمع، ليكن استماعك بعقلية الناقد المميّز، لا التابع المستسلم.
مع العلم بأن الراشد - وفقاً لكلامه - لا يتحدث بكل ما يعتقد خوفاً من الفهم الخاطئ وردّات الفعل من جراء ذلك، فليس مايقوله هو كل شيء عنده!.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
حين يتحدث الراشد عن المسلمين، وعن العلم الشرعي، وعن العلماء وعن الدعاة، فهو يتحدث بلغة التحقير، والتهوين، والانهزامية، يلحق بهم كل ضلالة، ويلبسهم كل تهمة، وهو يعتبر (التديّن) مصيبة، ويعتبر أنه كلما زاد تديّن المرء زاد انحرافه!

أما حين يتحدث عن الغرب، بل وعن الشرق أيضاً، وعن غير المسلمين، فهو يتحدث بحديث المستلب فكرياً وعقلياً، فلا ترى إلا التمجيد والثناء والإعجاب والمدح، وأنهم هم الذي يبنون للبشرية مجداً وعزاً وعلواً، أما نحن فمشغولون بالهدم!

 وهذا الموقف الانهزامي يجعل الراشد يمارس انتقائية مقيتة، فحين يتحدث عن المسلمين، فهو يركّز على فئة ضالة منحرفة متطرفة كداعش وأشباهها، معتبراً أفاعيلها تمثيل حقيقي لكل المسلمين، وأنها تطبّق التعاليم المنصوص عليها في الكتب الشرعية، وهي فرية كبرى يقولها وهو يعلمها، فكم عدد المتطرفين، وكم عدد المسلمين!.

 أما حين يتحدث الراشد عن الغرب، فهو ينسى كل جرائمه بحق الإنسانية جمعاء، وينسى كل المخازي التي ارتكبوها، ينسى الحرب العالمية الأولى والثانية، ينسى الحروب الصليبية، ينسى محاكم التفتيش، ينسى المذابح اليومية التي تتم بدعم أو تواطؤ من الغرب والشرق في بلاد الإسلام، ينسى احتلالهم لفلسطين، ينسى أفعالهم في الشام، ينسى أفعالهم في أفغانستان، وكيف حولها صراع النفوذ بين الروس والأمريكان إلى بلد محطّم متخلف، ينسى السعار الجنسي، والشذوذ الأخلاقي، والمخدرات، والإلحاد، والفساد، واستعباد البشر، وسرقة ثروات الشعوب، ينسى أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية والذرية والبيولوجية التي هي وليدة أولئك المقدسون عنده.

ينسى كل ذلك مع ضخامته وحجمه الذي لا يخفى، و يتحدث  - فقط - عن الغرب المتقدم المتميز الديموقراطي .

لذا فالدكتور صلاح يسعى بكل جهده، لنقل التجربة الغربية بهدف أن نكون نسخة منهم، فهو يطالب بالحرية المطلقة، حرية المعتقد، وحرية العلاقات الاجتماعية أياً كانت، وهو يدعو في الواقع إلى اللادينية، وإلى أن لا يحكّم الإسلام في شيء من شؤون الحياة.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
د.صلاح الراشد يتحدث عن دين آخر، ويدعو إلى دين غير دين الإسلام، إلى دين مختلق مرقّع جمّعه من مذاهب وأفكار وأديان، دين يتحرر فيه المرء من كل معتقداته السابقة ،لينتقل إلى أفكار وعقيدة الراشد، وينظر فيه بعين المساواة لكل نحلة أو مذهب، ويعتبر الإسلام أحد الخيارات - وربما الأقل مناسبة- للعيش السعيد!.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
ليس بيني وبين د. صلاح الراشد أي موقف، أو خلاف سابق.
ولقد اشتركت في قنواته بغية التعلم منه، والاستفادة منه، ويعلم الله أنه لم يكن لي مقصد سوى ذلك، بل وكتبت عنه مقالاً وقفت فيه أمام الذين يتطرفون في الموقف منه، ويعظّمون الصغائر التي يختلفون فيها معه، ويعدونه شيطاناً رجيماً، ولم أوافق فيه الغلاة فيه المعظّمون له كذلك..
لكنني – و أنا لازلت أستمع وأقرأ له – وجدت شيئاً لايجوز السكوت عنه، ولا يجوز لأهل العلم والاختصاص التغاضي عن هذه الانحرافات الكبرى التي يسوّق لها، ملبساً إياها بلبوس مختلف، إذ يجب التحذير منها، والإجابة عن تلك الشبهات بكلام متزن، كما أدعوهم إلى مجادلته بالتي هي أحسن، لعل الله أن يهديه سواء السبيل، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

وختاماً  : 
أيها الأخ المبارك ، أيتها الأخت المباركة..
 بحماستكم، وإيجابيتكم، وأوراحكم الطيّبة، أدعو كل واحد منكم فأقول له :

اربط حياتك ومعتقدك وأفكارك وفلسفتك تجاه الكون والحياة بالمصدر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بالمصدر الإلهي الذي هو كلام الله  الحكيم العزيز، الذي خلق الخلق، وهو أعلم بهم وبما يصلح حالهم، أعلم من كل علماء الشرق والغرب عبر العصور.
ولا يغرنّكم من يهون من شأن ذلك المصدر الفريد والمعصوم، أو يعتبره مجرد مصدر قابل للنقد، والتقييم، أويتحدث عن إخضاع ذلك النص الرباني للمنهج العلمي المزعوم.
حافظ على دينك، فهو رأس مالك، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.  

دام توفيقك، وحقق الله لك أمانيك، وأصلح لك دنياك وأخراك، وجعلك من الراشدين.

دمتم بخير ،،

محمد بن سعد العوشن
@binoshan

___________________________________
رابط للمقال السابق المنشور عام 2016م بعنوان ( صلاح الراشد بين الأعداء والمريدين)

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا استاذ محمد سررت كثيرا بمقالاتك عن الدكتور صلاح الراشد وكنت ارى واستمع لاخطائه وضلالاته في برامجه التي يخلط فيها بين الحق والباطل ولا انكر اني استفدت منه في التخطيط والتنميه
    وكلام الله تعالى يعلو ولا يعلى عليه يحكم ولا يحكم عليه وحي ومعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم بين ايدينا
    (وما اختلفتم فيه من شي فحكمه الى الله)
    والقران الكريم اصل كل العلوم الشرعيه والعلميه وغيرها من العلوم
    (ولا تعجل بالقران من قبل ان يقضى اليك وحيه ..وقل ربي زدني علما)

    ردحذف