1:52 م

أول السيرة ...

ولدت في مدينة الرياض، وترعرعت فيها، التحقت بروضة معهد العاصمة، وكان الالتحاق بالروضة أمراً غير معتاد للكثيرين، ثم درست في حي "الجرادية" سنة ونصف في ابتدائية عرفات، ثم انتقلت بعدها إلى ابتدائية "عكرمة" بالسويدي حيث أكملت دراستي الابتدائية هناك..
كانت مرحلة حاضرة في الذاكرة، باقية في المشاعر بالكثير من تفاصيلها، وكان من محطاتها .. الإذاعة المدرسية التي أوكل إلي أمرها، فكنت أحمل مفاتيح المكتبة معي دوماً - وبداخل المكتبة يوجد جهاز الإذاعة وملحقاته -، حيث كنت آتي مبكراً قبل الطابور الصباحي بزمن غير قليل، لاستفتح بتشغيل تلاوات مجوّدة للشيخ عبدالباسط عبدالصمد، من مصحف كامل (أشرطة كاسيت) عليه شعار وزارة الإعلام..
 وكان صوت عبدالباسط يصدح في أرجاء الحيّ إيذاناً بالاستعداد ليوم دراسي جديد، حتى إذا بدأ الطلاب في التوافد، وانتظمت الطوابير توقف البث الإذاعي حينها..ولازلت حتى اليوم إذا سمعت سورة يوسف مجوّدة بصوت عبدالباسط انتقلت بي الذاكرة لا شعورياً لعكرمة .. للإذاعة . للصباح..

ولا زلت أتذكر جيداً معلم العلوم "الشبرمي" ومختبر العلوم بتفاصيله، والهيكل العظمي،
وأتذكر معلم اللغة العربية "الشويعر" والذي كان مشرفاً على الإذاعة، وكان محفزاً لي ..
ومدير المدرسة "الدحيمان" بكل وقاره،
ومعلم التربية الإسلامية "عمر" الذي كان إذا ضرب، ضرب باستخدام الفلكة بوضع الطالب على طاولة المعلم ثم ضربه مع قدميه..
لا زلت أتذكر درساً من دروس العلوم وهو عن "صناعة المربى" حيث كانت الحصة عملية، فأحضر الطلاب كمية من التفاح، والخبز الصامولي، وقدر ودافور، وتم صنع المربى فعلياً وحشوه في الخبز لنتناول شيئاً من صنع أيدينا، ولا زلت حتى اليوم إذا وجدت مربى التفاح تناولته، فعادت بي الذاكرة تلقائياً إلى "عكرمة"، فما أعظم تأثير المعلم والوسيلة التعليمية ..

تخرجت من الابتدائية، وانتقلت إلى المرحلة المتوسطة، حيث كانت متوسطة الإمام البيهقي في حيّ سلطانة هي محطتي التالية، كان مديرها "النصّار" ثم "العجلان"، وكان وكيلها "عيد" ذو النظارات السوداء التي لا تعرف طبيعة العيون التي وراءها، وكان حازما مهيباً..

أما معلموها فكان أشهرهم على الإطلاق "سعود الشديّد" رحمه الله، معلم الرياضيات المختلف كلياً ، كان يطالبنا بتسطير الدفاتر الخاصة بالرياضيات وهي فئة 100 ورقة بتسطير مختلف يجعلها مميزة ومختلفة، وكانت جملته الشهيرة في كل حصة (صفحة جديدة في دفتر الفصل) مثل الجرس الذي ينطلق فيه كل الطلاب لاستخراج دفاترهم والبدء في تلقي المادة التي تملى عليهم..

أما معلم الرياضة فكان مصرياً مشهوراً بسيارته العجيبة (الفولكس واجن) الخضراء، وكان الشيخ ..... معلم التربية الإسلامية الكفيف ذا سمت مميز، وكان يلقننا نشيداً لازالت كلماته ولحنه يرنان في أذني حتى اليوم .

أما "الديك" فقد كان لقباً لذلك المراقب الذي كان يتميز بسوء التدبير، والتصرفات غير الموزونة! 

وكانت لي معه قصة لا تنسى، أوسعني فيها ضرباً، ثم طلب مني الانصراف، وحين انصرفت باكياً، ظنّ أن العقوبة لم تكن كافية، فأوقفني وعاود الضرب أخرى، ولم أكن حينها أملك سوء البكاء والتنهدات لموجوع تم ضربه دون سبب.. وكنت قد قررت حينها أن لا أواصل في المدرسة مهما كانت الأسباب، غير أن أبي - حفظه الله- شجعني، وآزرني معنويا، ثم كتب معي خطاباً مكون من 3 صفحات أو تزيد موجّه لمدير المدرسة ينتقد فيها الأسلوب المتخذ، وطريقة التعامل مع طالب مميز، ومشرف على الإذاعة المدرسية، وكان كلامها قوياً ومؤثراً .. حتى أن مدير المدرسة استدعاني معتذراً، ثم أعطي المراقب لفت نظر، وبات هذا المراقب من ذلك اليوم يتعامل معي كتعامل الجندي الصغير مع قائد الجيش، يفتح لي الطريق، ويقدمني على الجميع، بل ويضرب لي التحية في كل مرّة أمرّ عليه فيها!

ولا زال للمتوسطة حديث ذو شجون، لكنني لا أريد الإطالة، فقد تخرجت من الكفاءة المتوسطة كما كانت تسمى، وكانت تعتبر شهادة كبيرة يتم التفاخر بها.

وقد انتقلت بعدها إلى ثانوية موسى بن نصير بالسويدي، حيث كانت بداية مرحلة النضج، والفهم لواقع الحياة ومجرياتها..

ثم إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وتحديداً في كلية الشريعة، حيث تخرجت منها عام 1412هـ.

وبرغم أن هذه الأسطر تبدو كلماتٍ محدودة، لكنها في الواقع العملي كانت مسيرة طويلة امتدت  17 عاماً متواصلة في مجال التعليم منذ الروضة وحتى الحصول على  شهادة البكالريوس.

لتبدا بعد ذلك مسيرة العمل الوظيفي، حيث كان العمل في مجال التعليم، وتحديداً في مدرسة مكة المتوسطة بحي البادية بالدمام عام 1412هـ ، حيث وضعت رحالي معلماً لأول مرة، بكل حماسة المعلم الجديد، ورغبته في نقل المعرفة للطلاب، ولو بشيء من الشدّة والاستكثار على الطلاب، ثم تم الانتقال إلى الرياض مع نهاية العام، حيث كانت مدرسة عبدالله بن عوف المتوسطة محطتي التعليمية الثانية التي لم تطل، حيث بقيت فيها عاماً واحداً ثم تيسر الانتقال إلى مدرسة عبدالله بن وهب المتوسطة، وبقيت فيها مايزيد عن ثمان سنين، عملت فيها معلماً للتربية الإسلامية..

وقمت حينها بجملة من الأعمال الإدارية الحاسوبية، خدمني فيها شيء من الاهتمام التقني منذ أيام الجامعة، حيث كنت من أوائل من اقتنوا الحاسب الآلي وبدأ في التعامل معه، ولأنني كنت من الأوائل، كنت وسيطاً دائماً لكل أصحابي الذين يريدون اقتحام هذا المجال، كنت وسيطاً محتسباً حيث لم أكن أعرف ولم أرد أن آخذ أي مبالغ نقدية مقابل خدمة الناس، قد يكون هذا بحسن نية، أو بعدم معرفة، المهم أنني اشتريت عشرات الحاسبات لكثيرين، وكنت في بعض الأحيان أقوم بنقلها إلى منازلهم، وأقوم بتشغيلها، وتدريبهم على كيفية الاستخدام، وكانت تسبق عملية الشراء تلك جولات متنوعة على محلات الحاسب لتقييم العروض، والمفاوضة بشأن السعر.

لا أدري ما الذي جاء بهذه السيرة الحاسوبية ، حيث جاءتني للتو ذكريات جميلة رائقة ..

لا أدري أين سأصل في حديثي هذا، ولا لم كتبت هذه النصوص، لكنني وجدت نفسي منساقاً لذلك، فكتبته، شاكراً لأستاذي ( أبي علي) الذي أشار علي بكتابة سيرتي الذاتية بنفسي على هيئة قصصية..

أدرك يا أبا علي أنك لم تكن تعني ما قمتُ به، وأعدك أن أكتب كلاماً أكثر أهمية وأقل "سواليف" فتحمل مني قصتي.

وللحديث صلة بإذن الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق