11:54 ص

تمنيت زيادة دخلي الف ريال، فرزقني الله من حيث لا احتسب | الرزيحي

قصة قصيرة يرويها الزميل (سلطان الرزيحي ) حفظه الله وبارك له :
قبل اكثر من ٢٥ عاما كان لدي زوجتين وبيتين واطفال ، كنت اسكن بالايجار وراتبي بسيط لايكاد يكفي هذين البيتين ، كنت اضرب اخماسا بأسداس لوضعي المزري ، ففي منتصف الشهر يكون رصيدي صفرا !
وكنت الوم نفسي على هذا المأزق الذي وضعت فيه بلا تعمد انما هي ظروف اضطررت لها وبدون تخطيط ولم اتمنى ان اكون فيها .
في ذلك الحين كان احتياجي فقط الف ريال شهريا زيادة على راتبي ليعدل ميزانية الشهر ويجعلني في بر الأمان .
لذا فكرت في مشروع اكسب من خلاله هذا الالف ، ومن هنا بدأت المغامرات والمحاولات والبحث عن الرزق الحلال . 
لم اترك بابا الا طرقته ، عملت في كل شيء ، حتى مايرميه الناس امام بيوتهم كالعجلات الخربانة والاجهزة العطلانة والأثاث الخفيف وغيرها ... فكنت اجمعها ليلا واذهب بها للحراج لبيعها بمبالغ زهيدة ، وعملت حمالا وكداداً ودلالاً، وبائعاً متجولاً بين القرى في اسواق الخميس والجمعة ومحرجاً في الحراج حتى سوق الخضار وضعت فيه رجلي بحثا عن رزق ، ودخلت معارض السيارات وبعت فيها  واشتريت ، وهربت منه فحراج السيارات في الغالب بؤرة المال الحرام ولا شك ! وقليل من يعمل فيه بذمة وضمير.

وبعد هذه السنوات وهذا الجهد ، خرجت بخفي حنين وديون لاحصر لها ! 

العجيب انه ومع خسائري وتضاعف ديوني وفشلي في الكثير من المشاريع ، الا انني كنت احيانا اغمض عيني فأرى أمامي من بعيد اكواما من النقود ، واقول في نفسي هل ما اراه حقيقي ام خيال ؟ 
لذا لم ايأس ولم يصبني احباط ، بل كان عندي يقين مؤكد بأن القادم أحلى وأجمل . 

لذا غامرت وعانيت وتعبت ، لم اكن انام الا ساعات قليلة ، فبين دوام حكومي يأخذ وقت الصباح الى العصر ، وبين دوام خاص يبدأ من العصر الى الساعة 12 تقريبا ، ارهاق وتعب ونوم قليل ...
ليس عندي مكشات ولا صداقات استراحات ولاسفريات .

ومرت سنوات والوضع لايسر ، وليس هناك بوادر انفراج ، ما اكسبه فقط يعيشني قوت يومي ولا يفي بمتطلبات الحياة .

الحياة صعبة جدا ، والأسرة تكبر ومتطلباتها تكثر ، ثم تأتيني فترات يأس وندم على وضعي وكيف اني لم أكمل دراستي الجامعية اسوة بإخوتي وزملائي ! فها أنا ادفن نفسي في وظيفة متواضعة براتب زهيد ، منتظرا عطفا من مديري المباشر ليرفع لي ترقية مستحقة وهو يؤجلها من أجل لاشيء ، انما تسلط وفوقية وحسد وعدم تقدير ، وكأنه سوف يدفع هذه الزيادة في الراتب من جيبه الخاص .

سنوات تمر فلا راتب الوظيفة يسد حاجتي ! ولا شغلي الاضافي يؤمن لي ال 1000 ريال ، أسرتي تكبر ، والتزاماتي تكبر ، وتكثر معها ديوني واغرق في بحر الديون ثم اغسل دينا بدين ، حتى تفوق ديوني دخلي واعجز عن سدادها  .
والديون ياسادة هي القيد الذي يقضي عليك وينكد عيشك ويشل تفكيرك ، فهو هم وذل !
ولأنني ولا أزكي نفسي كنت متبعاً حديث النبي صلى الله عليه وسلم (من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه.... الحديث) فقد كان الله عز وجل ييسر لي احيانا مخرجا لهذه الديون من حيث لا احتسب .

وكل ماحدث لي اعلاه اصبحت ذكريات ، قد تكون مؤلمة في وقتها ، ولكنها الطريق الصحيح للحياة وخوض التجارب ومعرفة ان الصبر يفتح ابواباً للفرج ، وأن مع العسر يسر ، وأن اليقين بما عند الله هو الزاد الحقيقي والدافع لتجاوز العقبات ...
تأملوا معي ( تغدوا خماصا وتعود بطانا) وهو جزء من حديث ولا اروع قاله عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي  ليحثنا على التوكل وطلب الرزق ...لو انكم تتوكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدوا خماصا وتعود بطانا .

فإلى الحالمين بالثراء ، اسعوا واجتهدوا واطرقوا ابواب الرزق الحقيقية التي توصلكم اليه .
شراءك لكتاب كيف تكون ثريا في ٣٠ دقيقة لن يجعلك ثريا ، ودورات المخرفين الذين يأخدون الاموال بييع الكلام المعسول الغير واقعي لن تفيد .

الثراء يحتاج جهد وتعب ومثابرة وتوكل على الله ودعاء وصبر ، وتخطيط سليم وقناعة ...
واشياء مخفية بينك وبين رب العالمين .

نصيحتي انه مع الضغوط الحالية بالسوق ، وخروج الكثير من المستثمرين بخسائر فادحة ، الا ان السوق واعد وفيه فرص تحتاج فقط الى انتقاء وتفكير لاتقليد واستنساخ ...
افتتاح المقاهي ومحلات اللقيمات ومحلات الاسر المنتجة وغيرها من المشاريع المستنسخة المكررة المقلدة ، هي عبث وخسائر واستنزاف للاموال !
ابحثوا عن جديد مبتكر ... وستجدون الكثير من المشاريع المدفونة ...

0 التعليقات:

إرسال تعليق