4:39 م

العادات.. طريق النجاح


اعتاد كل منا على مجموعة من "الأفعال" و"الأقوال" و"السلوكيات" في يومه وليلته، وصارت تلك الأفعال سهلة يسيرة تحدث منه دون تكلف أو مشقة، وما ذلك إلا لأنها انتقلت من العقل الواعي إلى العقل اللاواعي وصارت عادة بعد أن كانت التزاما.
وهذا الانتقال من حال التكلف إلى حال التلقائية يحدث بمجرد الالتزام الزمني بالفعل أو القول ومواصلة ذلك حيناً من الدهر.
ويتحدث المختصون في تطوير الذات عن قاعدة الـ21 يوماً، والتي تشير إلى أن الاستمرار على سلوك محدد لمدة 21 يوماً متواصلة كفيل بتعويد النفس عليه وجعله جزءاً من أفعالها التلقائية متى صاحب ذلك قناعة بالسلوك وأهميته.

والأمر ذاته يقال عن الصفات والسمات الخيرة والأفعال الحميدة كافة، فإذا عوّد المرء نفسه على الاستيقاظ في ساعة معينة أو النوم فيها، أو على أداء الواجبات في أوقاتها المطلوبة، أو التلطف في الحديث وانتقاء أطايب الكلام، فإنه يفعل تلك العبادات والسلوكيات دون شعور بالتعب أو التكلف، ومن هذا ما ورد عن بعض السلف أنه جاهد نفسه على قيام الليل سنين عديدة ثم ارتاح بعد ذلك وأصبح يستيقظ لقيام الليل من تلقاء ذاته دون الحاجة إلى منبه خارجي.

"العادات نصنعها أولاً ثم تصنعنا "
د. سلمان العودة
لذا كان من خير ما يصنعه الراغب في النجاح أن يعوّد نفسه على السلوكيات الإدارية الحميدة، ويلتزم بأدائها بشكل متواصل دون تراجع أو ملل، فتصبح هذه السلوكيات عادة مألوفة، وسجية طبيعية.

والعادات –في بدايتها– تشبه الخيط الخفي الدقيق، فكلما تم تكرار هذا السلوك المؤسس للعادة أضيفت قوة لهذا الخيط حتى يصبح حبلاً بعد أن كان خيطاً رفيعاً، ومع التكرار يصير هذا الحبل متيناً لايمكن الفكاك منه كما يقول "أوريسون سوت".

وعندما تعتاد على السلوكيات الإيجابية وترسخها فإنك تبدأ مسيرة النجاح الحقيقية، ذلك أن النجاح هو نتاج تطبيق سلسلة طويلة من سلوكيات الناجحين، والتزام طويل المدى بالقواعد المنظمة للنجاح والمنثورة في سير الناجحين ومؤلفاتهم.

ذلك أن أغلب ما يعيق الطامحين ويفشل مسيرتهم: مللهم في بداية الطريق، وتركهم (الالتزام والاستمرار) في فعل ما يفعله الناجحون عادة، ذلك أن الصبر على الأفعال الخيرة والصحيحة حتى تصبح سلوكاً طبيعياً أمرٌ ليس باليسير، ولذا فإن الذين يستمرون في درب النجاح ويصلون للهدف قليل في مقابل الأعداد الضخمة الراغبة في ذلك، ومردّ كثير من ذلك إلى القدرة على التحمل والصبر والالتزام، والوقت الذي يستطيع المرء فيه مقاومة ميل النفس للراحة والدعة والسكون والإخلاد إلى الأرض.

نَصَحْتُكَ لاَ تَأْلَفْ سِوَى الْعَادَةِ الَّتِي
يَسُــرُّكَ مِنْهَا مَنْشـــــــَأٌ وَمَصـــِيرُ
فَلَــمْ أَرَ كَالْعَــادَاتِ شَـــيْئًا بِنَاؤُهُ
يَسِــيرٌ وَأَمَّـــا هَدْمُهُ فَعَسِـــــــيرُ


محمد بن سعد العوشن
@binoshan 

0 التعليقات:

إرسال تعليق