9:44 ص

يا رفاق : أوقفوا التدريب المعتاد


ليس الحديث في هذه التدوينة عن أهمية التدريب، ولا عن عدم أهميته، فما من شكّ أن التدريب مهمّ للغاية.
لكن، أحد مشكلاتنا أننا نتعامل مع التدريب على أنه وسيلة لتحقيق المعرفةّ، وأنه الوسيلة الوحيدة للتطوير!.
وهذا الكلام يمكن أن يكون صحيحاً لو كانت هذه المعرفة "محتكرة" لدى المدرب وناتجة عن ممارسته الشخصية الطويلة، أما إذا لم تكن كذلك - وهو الأمر السائد في أغلب الدورات إن لم يكن كلها - ؛ فإن طرق تحصيل المعرفة الحقّة هي من خلال القراءة للكتب لأنها تحتوي عصارة وخلاصة خبرة الكاتب في هذاالمجال، وليست من خلال الجلوس على طاولة مستديرة والاستماع لأحدهم لسويعات.
ولأننا تعوّدنا على  أن يكون تحصيل المعرفة من خلال (إلقاء المدرب وعرضه التقديمي) لكونه أيسر لنا، فإننا ارتضينا أن يدربنا غير الخبير ليقدم لنا نتفاً من المعلومات حول عنوان الدورة !.

ولأننا قادمون للدورة التدريبية بذهن فارغ من المعلومات عن (الموضوع) الذي سيتم التدريب عليه، فإن  كلام المدرب - أياً كان استعداده  ومستواه وجودته - سيغدوا أمامنا  فتحاً مبيناً ، وعلماً جديداً يستحقّ إمضاء الوقت للأجله.


ولهذا فإنني أدعو إلى تغيير رئيس في أسلوب التدريب .
وذلك بأن تكون الدورات في أساسها ولبّها نقلاً للمهارة لا للمعرفة، وأن يبتعد المدرب عن المقدمات التنظيرية الكثيرة التي تصلح لغير المطّلعين.

كما أدعو لأن يلتزم المتدرب قبل حضور الدورة التدريبة - وكمتطلب لها - بقراءة كتاب أو كتيّب عن موضوع الدورة، بحيث لا يطيل المدرب في المقدمات (ألتي قرأها كل المتدربين) وينتقل مباشرة للمهارة ، وخاصة أننا نعيش اليوم وفرة طاغية في جانب المعلومات المجانية المتاحة على شبكة الإنترنت، بحيث لم يعد لمعتذر أي عذر في عدم المعرفة.

وبهذه الطريقة المقترحة في التدريب ( وهو أن يكون التدريب لنقل المهارة والخبرة مع اشتراط الاطلاع المسبق من المتدرّب على موضوع الدورة)  فإننا سنحقق أموراً عديدة:
1 - حصول المعرفة الأصلية الموثفة من مصادرها للمتدربين .
2- اختصار أوقات الدورات التدريبية والتي تمتد أحياناً لأسبوع أو أسبوعين!.
3- تركيز جهد المدرّب في مجال نقل المهارة والخبرة والتدريب عليها.
4- التزام المدرّب بالاستعداد الجيّد للدورة لكون المتدربين ممن سبق لهم القراءة حول الموضوع.
5- توفير الأموال و تقليل الهدر نتيجة للمحافظة على الأوقات وتقليل مدد الدورات.
6- عدم دخول غير الجادّين للدورات التدريبية لكونها تتطلب استعداداً مسبقاً .

وأدرك أن هذا الأمر لن يقوم به المدربون، فسوقهم إنما تقوم على هذا الإقبال الكبير على الدورات دون اطلاع مسبق. 

لكن مسئولية مثل هذا الإجراء المقترح إنما يقع على مسئولي الموارد البشرية في المؤسسات والمنظمات، الذين أتوقع أن يجعلوا في خطتهم لتطوير الموارد ( القراءة الفردية الموجهة - الاستماع والمشاهدة لمواد تثقيفية عبر الإنترنت - مجموعات القراءة الداخلية - إعداد أوراق العمل ). 
وأن يجعلوا حضور أي دورة تدريبية لها متطلب سابق يقوم به المتدرب، وأن يعيدوا النظر في الحقائب التدريبة والخطط الزمنية للدورات لحذف كل ما ليس في سياق نقل الخبرة والمهارة.

وهو جهد متعب، لكنّه فعّال واقتصادي ومثمر على الفرد وعلى المنظمة وعلى سوق التدريب بعامة.
فهل من مبادر ؟


دمتم بخير ،،
محمد بن سعد العوشن

@binoshan

هناك 4 تعليقات:

  1. أحسنت وأجدت أباسعد ..وليتك تخصص لموضوع التدريب بشكل عام سلسلة متصلة من المقالات التي تتناول محتواها وهل هي حاجة أم ترف ؟ والفرف بين دورات تطوير النفس والذات وبين دورات تطوير العمل والمهنة وعن أسعار الدورات وغيرها

    ردحذف
    الردود
    1. جزيت خيراً على حسن ظنك، وإنما هي التفاتة، يحسن بغيري أن يتمّها

      حذف
  2. كلام في الصميم

    بالفعل الكثير من المربين يقرأ .. وينسق في العرض وتجهيز المكان ( فنادق وغيرها ) وعند سؤاله عن بعض ما يقول .. لا يستطيع الإجابة لأنه فقط ناقل معلومة غير متمكن منها للأسف الشديد

    ردحذف