10:55 ص

دورات المياه العمومية .. المشكلة والحل.


في مدينة ضخمة كالرياض، ومع هذه الاتساع الشاسع لنطاقها الجغرافي، وتكاثر الأحياء وتباعدها، وسلوك الناس للطرق السريعة والفرعية من أجل الانتقال من خلالها للعمل، و الدراسة، و التسوق، وخلافها، فإن أولئك المتنقلون يحتاجون وبشكل متكرر إلى (دورات المياه) كضرورة بشرية، ويقع الكثير منهم في الحرج الشديد حينذاك، ويزداد الحرج حين يكون ذلك الاحتياج من النساء، أو من مرضى السكري.
وذلك أنه لا تتوفر في الرياض -فضلاً عن بقية مدن المملكة الأخرى- مقرّات يمكن من خلالها قضاء الحاجة، ويسهل الوصول إليها باستثناء الدورات الموجودة في المرافق المختلفة التي يصعب الدخول إليها.

ولهذا يضطر الناس إلى الدخول محطات الوقود، لعلهم أن يجدوا فيها بغيتهم، ومع أنها لا تكون مهيأة غالباً، إلا أنه يغلب عليها أن تكون خاصة بالرجال، وربما يسلك أخرون مسلكاً مختلفاً حين يدخلون إلى المطاعم والمقاهي، لأجل دورات المياه، ويكون الدخول إليها محرجاً وغير مناسب، كما يضطر آخرون لقضاء الحاجة على جانب الطرقات، بشكل غير حضاري ولا مناسب، لكنها الضرورة وأحكامها.

وفي الكثير من دول العالم، تنتشر دورات المياه العمومية المفتوحة على مدار الساعة، فيسهل الوصول إليها، وتكون غالباً برسوم رمزية للقائم على نظافتها، فتحل للناس أزمات، وتخفف عنهم.

وأرى أننا في بلادنا المباركة لا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، وإنشاء دورات المياه العمومية لعابري الطرقات مجدداً، فالحل متاح ويسير، وهو لا يتطلب إنشاءً، بل إجراء تطويرات يسيرة يمكنها أن تغيّر الوضع القائم مئة وثمانون درجة، وتجعل هذه المشكلة شيئاً من التاريخ.

ويكمن الحل المقترح في (إعادة توظيف دورات المياه التابعة للجوامع)، وذلك باعتبارها مرافق عامة ووقفية مخصصة للعموم، بإتاحة واحدة منها – على الأقل - للرجال، وأخرى للنساء، ويلتزم عامل الجامع بجعلها مفتوحة طوال الوقت، أو على أقل تقدير من صلاة الفجر وحتى الحادية عشرة ليلاً، كما تكون العناية بتنظيفها جزءاً من مهماته اليومية.

ويأتي اقتراح الجوامع لكونها متوزعة على كافة الأحياء وبشكل منتظم، ولأنها تحتوي على عدد كبير من دورات المياه، كما يعمل في الجامع -غالباً - أكثر من عامل.

وقد يتطلب الأمر تعديلاً معمارياً يسيراً بفصل تلك الدورات، وفتحها على الشارع العام، ووضع علامة مميزة، تدل على أن هذه الدورات مفتوحة على مدار اليوم، كما أن من الممكن إضافة مواقع تلك الدورات العمومية المتاحة إلى خرائط جوجل ليتاح لكل متصفح العثور على أقرب دورات مياه من موقعه الحالي.

ونكون بهذا الحل المقترح قد ساهمنا وبشكل فعال في تحسين الخدمات المقدمة لسكان المدن، وزوارها، وفعّلنا دورات المياه في الجوامع بشكل أكبر، وقدّمنا نموذجاً حضارياً مميزا.

وهو حلّ أفترض أن يكون من خلال الهيئة الملكية لمدينة الرياض، بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ووزارة الشؤون الإسلامية، ويمكن للقطاع الخاص أو القطاع غير الربحي أن يساهم في هذه المبادرة، بأي تحسينات وتطويرات للخدمات المقدمة من خلالها أو المساهمة في التعديلات اليسيرة التي تحتاج إليها، وتقييم مستوى الخدمة من قبل العملاء.

ولست أشك أن مشروعاً كهذا سيكون مساهماً في برنامج جودة الحياة ضمن رؤية المملكة 2030، و الذي نصّ في سياق شرح البرنامج على تطوير القطاع البلدي من خلال ( أنسنة المدن، وتحسين المشهد الحضري، والارتقاء بالخدمات المقدمة وذلك بهدف تأمين جودة حياة رفيعة لسكان وزوّار المملكة).

ويمكن -كذلك- أن يتم ذات الإجراء في الحدائق العامة التي هي منتشرة في الأحياء، مع أهمية العناية بصيانتها ونظافتها.

وكلّي أمل أن يرى هذا الاقتراح النور، وأن نرى الرياض سباقة إلى حل هذه المشكلة، لتواصل كونها رائدة المدن السعودية في سائر المجالات، وإلى ذلك الحين: ألقاكم على خير ،،،

محمد بن سعد العوشن

binoshan@gmail.com

الرياض – حرسها الله -


0 التعليقات:

إرسال تعليق