2:16 م

نحو منصة موحّدة لتنسيق العمل الخيري

في جميع الأوقات، وفي كل مكان، يحتاج القطاع الخيري إلى التنسيق وصولاً إلى العمل المشترك.

وفي أوقات الأزمات مثل الحروب والأوبئة و الكوارث الطبيعية يكون التنسيق أولى وأهم وأوجب.

ذلك أن المتبرعين كثير، والمتطوعين بجهودهم كثير، والمحتاجين كثير..

وفي حال فقدان التنسيق والتكامل بينهم فإن الأمر سيؤدي إلى تفاوت كبير في تلبية احتياجات المستفيدين، حيث ستتكدس الإعانات والفرق التطوعية على أشخاص، أو جهات، أو مناطق ، وسينحسر الدعم المالي والبشري عن آخرين..

وربما كانت النتيجة أن أحدهم لا يجد قوت يومه من أي طعام كان، بينما يتاح لفقير آخر اختيارات متنوعة ومتعددة دون قيد.

كما يؤدي فقدان التنسيق إلى تكرار الجهود، فتتكاثر الأعمال مع إنتاجية أقل.

إن الانشغال بحد ذاته ليس مطلباً، ولا دليلاً على الصواب، غير أن  ترتيب الأولويات والانشغال بأهمها هو واجب الوقت، وهو الفعل الصحيح الذي تحمد عواقبه.

وقد رأيت واطلعت وسمعت عن التباين الواسع في طبيعة الخدمات المقدمة للفقراء - على سبيل المثال- في مناطق مختلفة، وذلك حسب الوفرة المادية للجهة، إذا ليس هناك حدّ أدنى ولا أعلى لما يمكن تقديمه لهم.

وبناء عليه فإن التفاوت كبير وقائم، وتبقى - من جراء ذلك - بعض الجمعيات دون داعم، تتعثر مشاريعها الأولية، لأن الدعم قد انصرف لجمعيات أخرى أكثر قدرة على التسويق لمشاريعها، مع قلة حاجتها لتلك الأموال، وكثرة مواردها المالية.

وأنا هنا  أدرك - يقينا - أن تلك الأموال التي يتم جمعها من المتبرعين بأي صورة من الصور، فإنها تصرف على الشريحة المستهدفة، بكل أمانة وصدق، ولا تلام الجمعية التي وصلت إليها التبرعات الوافرة في أن تنفقها على المحتاجين وتزيد من مستوى الخدمات المقدمة  لهم، إذ ليس لها أن تحيل شيئاً من تلك الموارد إلى جمعيات أخرى حتى وإن علمت مقدار حاجتها.

لكنني أزعم أن عدم وجود التنسيق بين مؤسسات العمل الخيري وجمعياته ولجانه أدى وسيؤدي إلى هذا التفاوت الكبير، الذي يضر في نهاية المطاف بالشريحة المستهدفة.

وأدرك أن (وجود منصة موحدة) يتم فيها عرض المشاريع من الجمعيات، ويتم من خلالها كتابة الدعم، من شأنه أن يعطي الجميع تصوراً أدق عن حجم وعدد المشروعات، وطبيعتها، ومدى الحاجة لها، مع مقارنة آلية مع الجمعيات المشابهة داخل المنطقة وخارجها.

 ويمكن ان تحتوي المنصة على موازنة الجمعية للعام الحالي، ومصادر الدخل الثابت وغير الثابت لها، بالإضافة إلى ماتم صرفه في العام المنصرم، ليكون متخذ القرار بالتبرع ( فرداً كان أو جهة) على وعي تام بمسار عمل الجمعية وإنجازاتها.

وهذه المنصة المنشودة ليست أداة لحصر التبرعات أو محاصرتها، ولا التضييق على المتبرعين ولا على الجهات المتبرعة، ولا على الجهات الخيرية، وإنما تكون خطاً مسانداً اختيارياً ..

وإنني لأدرك أن التنسيق مهمة تكتنفها الكثير من الصعوبات دون ريب، لكن الحاجة إليه ماسة جداً، تتطلب منا أن نبذل الغالي والنفيس لأجله.

وإنني متشوّق لسماع ذلك الذي يعلّق الجرس، ويطلق صفارة البدء بعمل تنسيق جماعي مشترك يتبناه المانحون.

إلى ذلك الحين وأرجو أن يكون أقرب من القريب، دمتم بخير.


محمد بن سعد العوشن

إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري

@bin_oshan


0 التعليقات:

إرسال تعليق