لغة القالب

كفّ الرعاع


تغصّ شبكات التواصل اليوم بكمّ كبير من الشتائم والاتهامات المتبادلة بين شعوب يجمعها الإسلام والعروبة والجغرافيا والتاريخ، وينبري لهذه الحملات من كل شعب رعاع الناس وسوقتهم، ما بين حملات، وحملات مضادة.

ويلجأ أولئك الرعاع لتصيد أخطاء الفئة الأخرى، وتضخيم التجاوزات الفردية وتعميمها، إضافة إلى تضخيم آراء العنصريين والمتطرفين من كل فئة، واستخدامها في استثارة عوام الناس وتأليبهم، وإطلاق ألفاظ الاستحقار والاستهانة بالشعوب، والتقليل من نجاحاتهم وإنجازاتهم، وشيطنتهم، واستجرار بعض المواقف أو القصص أو المقولات أو الأخبار في فترة زمنية ماضية والاتكاء عليها للنيل من الآخر.

إنها تصرفات غير لائقة وإيقاد للضغائن غير مبرر، فـــإن "الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها". 

ولم تعد وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل بل باتت وسائل للقطيعة والتباعد - بسبب تلك الحملات المشؤومة-، وتم الهبوط إلى مستويات متدنية من الانحطاط اللفظي والأخلاقي بين تلك الأطراف المتحاربة إلكترونياً.

 ورغم أن ذلك كله "زوبعة في فنجان"، إذ أن هذه الخصومات والضغائن محصورة اليوم في الإنترنت فحسب، أما الواقع فالناس لطفاء متعاونون، يعرفون بعضهم، ويتعايشون بودّ. 

والحقيقة التي لا ريب فيها، أن في كل قوم، وكل شعب، وكل أمة من الناس: أخيار وأشرار، مؤدبون وقليلي الأدب، غير أن السواد الأعظم من تلك الشعوب هم أشخاص بسطاء طيبون، لطيفون، يحسنون، ويحبون المحسنين، و"التعميم" الذي يمارسه سفهاء شبكات التواصل "لغة الجهلاء" وما أكثرهم بأسمائهم الحقيقية حيناً، وبالأسماء المستعارة أحياناً أخرى كثيرة.

وما أحوج العقلاء من كل مجتمع إلى كف الرعاع منهم، وعدم الاستجابة للاستفزاز من سفهاء المجتمعات الأخرى، والوقوف بحزم أمام كل الحملات العنصرية المقيتة التي تنطلق بسبب وبغير سبب. 

إن إيضاح الحقائق مطلوب، والدفاع عن الحق مطلوب كذلك، وتفنيد الأكاذيب والشائعات أمر مهم، غير أن ذلك شيء، وقلة الأدب والفجور في الخصومة، والانحطاط في الألفاظ، وتصيّد الأخطاء شيء آخر تماماً.

أدام الله على شعوبنا الحب والوئام، والمودة والسلام.


7:16 ص

عدد المواضيع