12:02 م

اندماج منصات التبرع الثلاث



بين فينة وأخرى، يتسامع الناس باندماجات واستحواذات في القطاع الخاص، تتعاظم الحصة السوقية بموجبها للشركة الدامجة، فتستحوذ بموجب ذلك على عدد أكبر من العملاء، والفروع، والأنشطة، ونقاط البيع، والتقنيات، والوصول.

ويفسّر الاندماج بأنه ( ضمّ منشأة أو أكثر إلى منشأة أخرى، مما يجعل الجميع منشأة واحدة، مما يؤدي إلى زوال الشخصية المعنوية للمنشأة أو المنشآت المنظمّة، وبالتالي تنتقل الأصول والحقوق إلى المنشأة الضامّة).

ولأن هذا البلد بلد معطاء، باذل للخير، حكومة وشعباً، فقد انطلقت جملة من منصات التبرع الإلكتروني الرسمية، لتغطي جزءاً من احتياجات المجتمع، وتسابق الناس للاستفادة منها للموثوقية العالية التي تحظى بها.

ويتداول الناس في المجالس اليوم حديثاً وإلماحات عن منصات التبرع الرسمية الرائعة (إحسان – تبرع – وقفي ) وأن هناك مشروعاً قيد الدراسة حول اندماج تلك المنصات كلها في منصة واحدة تحت إدارة واحدة، أياً كنت الجهة المشرفة على المنصة.

ولا شك أن للاندماج عموماً، وفي هذه الحالة خصوصاً فوائد ومزايا، غير أن له عيوباً ومثالب كذلك، والأمر نفسه يقال عن عدم الاندماج.

ومن هنا فإنني أتقدم بمقترح توفيقي يكفل جمع مزايا الخيارين معاً، ويقلل من العيوب قدر الإمكان، وهو مقترح يمكن عقد الورش ومجموعات التركيز المتخصصة لإنضاجه وتجلية تفاصيله.

والمقترح يقضي بأن تكون هناك منصّة واحد فعلاً للتبرع، بحيث يقصدها المتبرع، ولا يحتاج إلى التنقل بين تلك المنصات المختلفة، وفي الوقت ذاته تكون هذه المنصة الموحّدة ذات تبويبات رئيسة هي ذاتها مسميات المنصات المشار إليها سلفاً (إحسان – تبرع – وقفي)، وتتم إدارة كل تبويب من تبويبات المنصّة، ومتابعته، والتسويق له من قبل الجهة التي تدير تلك المنصة حالياً، ويسعى لاستكمال وتطوير العمل فيه..

وفي الوقت نفسه يكون هناك إدارة مركزية للمنصة، فيما يتعلق بالأمن السيبراني، وفي تسجيل وإدارة الجمعيات الخيرية الراغبة في عرض مشروعاتها على المنصة، وفي إدارة المتبرعين، وكبار المتبرعين، وإدارة المنصة بشكل عام.

وفي هذا الاجتماع تحت منصة واحدة تحقيق مجموعة من المصالح، والتي منها: سهولة الدخول والتبرع للمحسنين، ورؤية المتبرعين لكل الفرص المتاحة في شتى المجالات ولدى شتى الجهات.

كما أن من شأن التواجد في منصة واحدة أن ييسر ظهور مشاريع كل جمعية على حدة وإن تعددت مجالات عملها، فيكون الزائر على وعي بحجم وعدد ومبالغ المشاريع المعلنة والمدعومة للجهة الواحدة، مما يجعله يوجّه تبرّعه للجهات والمناطق الأقل دعماً والأكثر حاجة -إن شاء -.

ومن شأن التوحيد كذلك أن يكفّل وجود معايير موحّدة للجهات الراغبة في الانضمام إلى المنصّة مما يعني إمكانية رفع المعايير، وضبط الجودة، وسوف تقوم الجمعيات بالاستجابة لتلك المعايير لأنها تتيح لها الظهور والوصول للمتبرع بيسر وسهولة.

ومن المزايا في المنصة الموحّدة أنها تجعل عمليات التسويق والإعلان لها ذات جدوى أكبر، فبدلاً من بضع حملات تسويقية متفرّدة لكل منصّة، يكون التسويق جماعياً وتستفيد من الحملة كافة الجهات والمجالات.

وحديثي هنا كلّه عن المنصات الرسمية الثلاث، أما المتاجر الإلكترونية للجمعيات الخيرية، فإنني لا أرى أن يتم دمجها، ولا جمعها، بل تبقى مرتبطة بكل جهة خيرية، تستهدف شرائح من الداعمين، وفئات من المحتاجين لخدماتها.

وإنّي على ثقة بأن هذا الحل الوسيط لمنصات التبرعات الرسمية سيكون بين الرأي القائل بإغلاق المنصات، والرأي القائل بترك كل منصة تعمل بمفردها، وسيدعو هذا الحل - في الوقت ذاته -  للتنافس بين تبويبات المنصة، مما يساهم في زيادة حجم التبرعات النهائي.

أما منصّات التبرع المتخصصة كـ شفاء ، وجود، وأمثالها، فلست أرى دمجها مع أي منصة قائمة، فلكل منصة أسلوب عمل مختلف، ووجودها مستقلة أمر مهم يخدم القطاع، وسوف أتحدث عنها في تدوينة قادمة بإذن الله.

سائلاً الله تعالى أن يسدد الخطى، ويبارك في الجهود.

دمتم بخير ،،،

محمد بن سعد العوشن

مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري


0 التعليقات:

إرسال تعليق