3:14 م

الواهمون الفاهمون العارفون!

يمر بك في حياتك العامة، والوظيفية صنف عجيب من الناس!

ذلك الصنف الذي يظن ويتوهم أنه خبير ومتخصص في أحد المجالات، وتراه ينظر للمتخصصين وأصحاب التجربة الطويلة بشيء من الانتقاص، والتقليل من شأنهم، زاعماً أن مشكلتهم أنهم "لا يفهمون"!!،

هؤلاء الأشخاص لديهم "متلازمة دانينغ كروجر" وهي انحياز في الإدراك يشير إلى ميل الأشخاص غير المؤهلين للمبالغة في تقدير مهاراتهم، وتتلخص النظرية في أن:"الجهل على عكس المعرفة الحقيقية، يزيد الثقة بالنفس" -كما ينقل طارق الأحمري-.

وحين تعرض على احد هؤلاء أهمية الاستفادة من الدكتور أو البروفسور فلان بحكم تخصصه في ذات المجال سنين طويلة، تراه يرد عليك قائلاً : هذا الدكتور أكاديمي!، ومشكلة الأكاديميين دوماً أنهم خبراء في التنظير، وفي غرفة الدرس، ورائعون في إعداد البحوث العلمية المكتبية، لكنهم يفتقرون تماماً للخبرة العملية، فرأيهم لا اعتبار له، وهو يصدر من أبراج عاجية لم يخوضوا غمار التجربة العملية، فدعهم عنك.

فإن عرضت عليه الاستفادة من رجل الأعمال الممارس في ذات المجال، قال لك : مشكلة رجال الأعمال أنهم بعيدون عن التنفيذ المباشر، ودورهم إشرافي عام، ونجاحهم بسبب علاقاتهم، أو فريق العمل العامل لديهم، ولذا فإن أفكارهم مختلفة، وطرائق النظر عندهم ليست مناسبة،  فدعه عنك.

فإن أشرت عليه بالاستفادة من خبرة المدير التنفيذي لهذه الشركة أو تلك وهي شركة ناجحة تعمل في مجال مشابه منذ عقد من السنوات، قال لك: لا أسلّم لك بأن الشركة ناجحة أصلاً، وإن كان هناك شيء من النجاح، فهو بسبب الملاك ، أو العلاقات، أو أسبقيتهم في المجال، والحقيقة أن مثل هؤلاء إن استشرته فإنه سيقيد أفكارك المنطلقة، وسيكون محصوراً بتجربته المحدودة، فدعه عنك.

فإن قلت له : المشروع بحاجة إلى خبير مالي، قال : المالية ليست سراً، وكلنا نعرف كيف يمكن أن تتم الإدارة المالية، لا تصدّق ما يحاول المتخصصون إيهامنا به من كونهم يعرفون ما لا نعرف، وكم رأيت من خبير مالي لا يفقه في تخصصه شيئاً.

فإن طلبت منه الاستفادة من خبير إداري، قال : كل حياتي مضت في الإدارة، فلا أحتاج إلى من يمارس الأستاذية عليّ، وقد حضرت مجالس إدارة بعض الشركات فما وجدت من يملك ما أملكه من خبرات متنوعة، ووجدت جملة منهم خبرته متواضعة رغم المناصب التي عمل فيها، بل لقد أبديت عدداً من الملاحظات الإدارية فقوبلت باستحسان الكثيرين، مع أنها كانت من طرف الذهن، دون تحضير مسبق.

ثم عقّب قائلا .. أتعرف ماهي مشكلتنا؟

فأجبته : لا ، ولكن ربما قلة القيادات المتمكنة والمتخصصة.

فقال لي : أخطأت في إجابتك ..

 مشكلتنا يا أبا سعد .  أننا نقلل من ذواتنا، ولا نعترف بقدراتنا، ولا ندرك مكانتنا الحقيقية المتميزة!!!!!


يا سلام عليك .. 

لقد أقفلت الأبواب ..

يا نادرة الزمان، وفريد عصره، ووحيد دهره.

فأنت رجل المهمات الكبرى.

وأنت البطل المغوار لكل كريهة.

وأنت المعلم للجيل، بل للأجيال الحالية والقادمة.

أنت مدرسة تستحق أن يتعلم الناس فيها ومنها.

ما أعظم تقصير الناس في حقّك..

وكان الأجدر بهم أن يضعوا لك نصباً تذكارياً يخلّد أعمالك المجيدة، وسماتك العجيبة، لكي يراه الناس رغم تقادم الدهور.

لكنه زمان سوء ذلك الذي لم يعرف فيه قدر أمثالك.


أعان الله من كنت له رئيساً ، وأعان أهلك بيتك عليك، وأعانك على نفسك.


محمد بن سعد بن عوشن

06 / 07 / 2023


تنويه : أخي القارئ، إن شككت لبرهة أنني أقصدك بهذا المقال، فراجع نفسك، وردد "رحم الله امرءا أهدى إليّ عيوبي".

0 التعليقات:

إرسال تعليق